وقال الصنعاني: لم نجده في مسلم، يعني لم نجد التنصيص على أن ذلك في صلاة الليل، وإنما ساق مسلم الحديث حديث علي هذا في قيام الليل، فهل مقتضى السياق سياق الخبر في أثناء أحاديث قيام الليل أن يكون هذا الاستفتاح خاص بصلاة الليل كما في:((اللهم رب جبرائيل وميكائيل))؟ يعني لو أن شخصاً أراد أن يستفتح لصلاة الظهر، فقال: اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، قلنا: هذا جاء في صلاة الليل، ولو استفتح بهذا قال:((وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرضَ)) لأن مسلماً وضع الحديث في أحاديث صلاة الليل، ومسلم دقيق في ترتيبه، ولذلك جزم الحافظ أن هذا في صلاة الليل، ومجرد عمله وصنيع مسلم في وضعه هذه الخبر في أثناء أحاديث صلاة الليل كأنه نطق؛ لأنه دقيق -رحمه الله-، ولذا قال الحافظ: وفي رواية له أن ذلك في صلاة الليل، لكن الصنعاني قال: لم نجده في مسلم، يعني التنصيص بالقول أن هذا في صلاة الليل، وإنما ساق مسلم حديث علي هذا في قيام الليل، وقد نقل الحافظ ابن حجر في التلخيص عن الشافعي وابن خزيمة أنه يقال في المكتوبة، يعني في البلوغ قال: نص مسلم على أن هذا في صلاة الليل، وفي البلوغ نقل عن الشافعي وابن خزيمة أن هذا الاستفتاح يقال في المكتوبة، لكن طول هذا الاستفتاح وسكوت النبي -عليه الصلاة والسلام- بين التكبير وبين القراءة هنيهة على ما سيأتي في حديث أبي هريرة، يعني قليل ما يحتمل كل هذا الكلام، وهذا يرجح أن هذا الاستفتاح إنما هو في صلاة الليل التي من شأنها الطول، والإنسان بمفرده يصنع ما يشاء، يطيل أو يختصر الأمر إليه، يفعل الأرفق به، لكن إذا كان إمام عليه ملاحظة المأمومين، ودعاء الاستفتاح الذي هذا من صيغه، ومن صيغه ما سيأتي:((سبحانك اللهم وبحمدك)) ومن صيغه ما جاء في حديث أبي هريرة: ((اللهم باعد بيني وبين خطاياي)) وله صيغ أخرى، سنة عند الجمهور وليس بواجب، وليس بسنة عند مالك -رحمه الله- على ما سيأتي، على ما سيأتي الاستفتاح ليس بسنة عند مالك، وعند الجمهور سنة، وجاءت الاستفتاحات عن النبي -صلى الله عليه وسلم- على صيغ متعددة، والاختلاف فيها اختلاف تنوع، وليس باختلاف تضاد، ولذا لا ينبغي الترجيح بين هذه الاستفتاحات