نظير ذلك الرجل الصحابي الذي يقرأ:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [(١) سورة الإخلاص] بعد السورة، وسأله النبي -عليه الصلاة والسلام- عن السبب في ذلك قال: إني أحبها؛ لأنها صفة الرحمن، فقال:((حبك إياها أدخلك الجنة)) هل نقول بمشروعية قراءة سورة الإخلاص بعد السورة التي بعد الفاتحة، أو قبل ذلك؟ هل التنظير مطابق بين حديث بلال وبين حديث الذي يقرأ سورة الإخلاص بعد السورة؟ لأن هذا الموضوع ترون في غاية الأهمية يا إخوان، يعني هل يكفي في المشروعية أن يثبت العمل عن صحابي، ويقره النبي -عليه الصلاة والسلام-، فيكون مشروعاً للجميع؟ أو نقول: إن هذا كما قال بعض أهل العلم: هذا مشروع وليس بسنة في قراءة سورة الإخلاص، بينما ركعتا الوضوء سنة، ويا ليت الإخوان ينتبهون لمثل هذه المسائل، ترى في غاية الأهمية، يعني هل المشروعية لعموم الناس تثبت بمثل هذا؟ هل القصتان متطابقتان؟ هل التنظير مطابق وإلا لا؟ الآن لو نظرنا مشروعية سنة الوضوء إن قلنا: ثبتت بهذا الحديث وما جاء في معناه انتهى الإشكال، وإذا قلنا: إنها لم تثبت إلا بحديث بلال قلنا: إنها نظير قصة الذي يقرأ سورة الإخلاص، فإذا قلنا: سنة الوضوء سنة قلنا: إن قراءة سورة الإخلاص سنة، يعني هل ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بعد كل وضوء؟ لأن القائل بأن قراءة سورة الإخلاص مشروع وليس بسنة يقول: ما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- لكنه أقر ومدح وأثنى على من يقرأ، السياق سياق مدح، كما أن السياق في قصة بلال في الركعتين بعد الوضوء سياق مدح.
من يقول: إن سنة الوضوء يمكن أن تؤخذ من مثل هذا الحديث هذا ما عنده مشكلة، هذا ما يرد عليه هذا الإشكال، لكن الذي يقول: إن هذا الوضوء من أجل الصلاة، وليست الصلاة من أجل الوضوء، نقول: هذا لا يدل على ركعتي الوضوء، هذا وعد بالجنة على أمر مركب من وضوء حسن، وصلاة كاملة، فلا يدل على سنية ركعتي الوضوء.