للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

((فابدؤوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب، ولا تعجلوا عن عشائكم)) لأن هذا ينافي الخشوع في الصلاة، والخشوع سنة عند الجمهور، وما ينافيه عندهم مكروه، فإذا بدأ بالصلاة والقلب منشغل بالعشاء انتفى الخشوع، وصار الأمر عند المؤلف هنا: ((فابدؤوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب، ولا تعجلوا عن عشائكم)) ابدؤوا للاستحباب، الظاهرية يقولون: للوجوب، فإن بدأ بالصلاة بطلت الصلاة.

وقوله: ((قبل أن تصلوا المغرب)) يشير إلى رواية تدل على أن هذا في حق الصائم، إذا قدم العشاء وأحدكم صائم فابدؤوا به قبل أن تصلوا المغرب، وذلك لأن الصائم حاجته إلى الطعام أشد، وانحصار الوقت عنده في هذه المدة اليسيرة بين الأذان والإقامة بالنسبة لصلاة المغرب أظهر من غيره؛ لأن غير الصائم يقال له: قدم يا أخي، قدم طعامك، لكن إذا لم يتم نضجه مثلاً إلا في هذا الوقت وهو محتاج إليه، فحكمه حكم الصائم، أما إذا قصد تأخير الأكل والطعام إلى قرب الصلاة صار ديدنه هذا، هذا لا يجوز؛ لماذا؟ لأنه يترتب عليه ترك الواجب، وهو الصلاة مع الجماعة حيث ينادى بها، لكن إذا كان الإنسان محتاجاً إليه، ونفسه تتوق إليه كصائم، أو في حكم الصائم ممن لا يتيسر له الطعام لعدم نضجه، أو لعدم الحصول عليه إلا في هذا الوقت فالعلة سارية، يعني بعض الناس يقصد ويبحث عما يترخص به في ترك الجماعة مثلاً، فيجعل تقديم الطعام قرب الإقامة، ويتعلل بمثل هذا الحديث، أو يأكل مما نهي عن الأكل منه، مع حضور الجماعة كالأطعمة التي تنبعث منها الروائح الكريهة، ويقول: إن هذا عذر في ترك الجماعة، لا يكون عذراً إلا إذا كانت هناك حاجة داعية له، أما أن يعتذر به، ويتوصل به إلى ترك ما أوجب الله فإن هذه هي حيل اليهود التي يتوصلون بها إلى ترك الواجبات، أو ارتكاب المحرمات، وأما عند الحاجة للاستشفاء ذكر له البصل علاج، أو الثوم علاج، وأكله ليستشفي به فهذا عذر، أما أن يأكل من أجل أن يترك الصلاة هذا لا شك أنه تحايل على إسقاط ما أوجب الله عليه، وهذا ما ارتكبته اليهود.