قال:"رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والنسائي، وفي لفظ لأحمد: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن كل شيء حتى سألته عن مس الحصا، فقال:((واحدة أو دع)) " يعني مس الحصا مرة واحدة في الصلاة، ومن مس الحصا أثناء الخطبة فقد لغا، أيهما أولى بالمراعاة الصلاة أو الخطبة؟ الصلاة أو الخطبة؟ نعم الصلاة بلا شك، الصلاة أولى بالمراعاة من الخطبة، طيب الصلاة أذن لك أن تمسح واحدة وفي الخطبة إذا مسحت فقد لغوت ومن لغا فلا جمعة له، يعني هل نأخذ من هذا الحديث أن الخطبة أولى بالمراعاة من الصلاة، أو نقول: إن الصلاة المسلم في الأصل يحتاط لها، الأصل في المسلم أنه يحتاط لصلاته، ولا يعرضها للبطلان لأنه يعرف أهميتها وقيمتها، والخطبة قد تطول، وقد يرى أنه لا يستفيد، وقد يتطرق إليه ملل، أو شيء من ذلك فهو بصدد ألا يحتاط لهذه الخطبة، ومع النصوص الشديدة في شأن الخطبة والإنصات وعدم الحركة وعدم قول: اسكت، أنصت، وعدم مس الحصا، ومع ذلك تجد من يخالفه؛ لأن الخطبة شأنها في نفوس المسلمين أقل من شأن الصلاة، وإذا وجد في النفس ما يردع لا شك أن الإنسان قد يترك إلى الوازع النفسي، وأما إذا لم يوجد ما يردع من الوازع النفسي فإنه لا بد من التشديد، يعني مثل ما قلنا: إن الصلاة المسلم يحتاط لها أكثر من الخطبة، فجاء في الخطبة يعني جاء في الصلاة نصوص كثيرة، لكن بالنسبة لمس الحصا هل ما جاء في الصلاة مثل ما جاء في الخطبة أو أقل؟ أقل، يعني امسح مرة واحدة، لكن الخطبة إذا مس الحصا فقد لغا، أقول: إذا وجد في النفس وازع يزع عن عمل ما، فإن الإنسان قد يترك لهذا الوازع، وإذا لم يوجد فيها وازع فإن الإنسان تأتيه النصوص وتشدد عليه لعدم الوازع.
نظير ذلك جاء في بر الوالدين نصوص كثيرة متواترة قطعية من الكتاب والسنة، وجاء التشديد في هذا الباب لكن جاء تشديد الوالدين في حرصهم على أولادهم جاء شيء وإلا ما جاء؟ جاء شيء يسير؛ لماذا؟ لأن فيه وازع، ما في أحد يبي يترك ولده يجوع إطلاقاً، لو جاع هو ما جاع الولد، لكن قد يوجد من الأولاد من يترك أمه تجوع، فلذلك جاء من النصوص في مراعاة حقوق الوالدين أكثر مما جاء في مراعاة حقوق الأولاد؛ لأن في النفوس من الوازع ما يكفي لصيانة الأولاد، والعناية بهم.
ما يمدينا نقرأ الحديث الذي بعده.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.