لو تذهب إلى شيخ سمعت عنه أنه أفتى بقول شاذ مثلاً، وتقول له: فتواك غير صحيحة، أفتيت بقول شاذ، بقول مرجوح، هذا في الغالب لا يستجيب لك؛ لأن النفس لها حظوظ، وفي الغالب أن صاحبها يراعيها، لكن لو قلت: ما رأيك في كذا وبقول كذا؟ ثم إذا عرفت أنه بالفعل أفتى بكذا، ما رأيك في القول الآخر؟ وهل تعرف له دليلاً؟ وهل هو راجح أو مرجوح؟ يناقشه في القول الآخر، ثم بعد ذلك إذا أصر ناقشه في قوله؛ لأن النفوس لا سيما في أوقاتنا وأزماننا مدخولة، والحق ثقيل، يعني لو أن الإنسان خالف آية أو حديث صحيح صريح في الدلالة يصعب عليه أن يقبل منك الاستدراك ولو بالآية والحديث الصحيح، ولو كان ممن ينتسب إلى العلم؛ لأن النفوس الآن ما صارت تقبل الحق بسهولة، الحق ثقيل ومر، والانتصار للنفس جبلي، فعلى هذا على الإنسان أن يسلك المسلك المناسب، يدخل إلى قلب المخاطب أولاً، ثم يقول ما شاء، يعني بعض أهل العلم ممن هم مرجع تجد بعضهم إذا جاءه بعض الشباب ولد عندهم بعض الأمور التي يستنكرونها، ويطلبون من الشيخ تغييرها يأتون بأسلوب غير مناسب، ثم الشيخ قد لا يوفق في احتوائهم، وإزالة ما في نفوسهم، وتخفيف ما عندهم؛ لأن الداعي لهم على مثل هذا الكلام هو الغيرة، وكل مطالب بما يناسبه على الطالب أن يحترم هذا الشيخ، ويبلغه بالمنكر بالأسلوب المناسب، ويطالبه بالأسلوب المناسب، على الشيخ أيضاً أن يحتوي هذا الشاب هذا الغيور ويوجهه بالأسلوب المناسب، فإذا احتواه بالأسلوب المناسب ولج إلى قلبه يملي عليه ما شاء، المسألة تهون بعد هذا الأمر، لكن الإشكال كله في الوسائل، في وسيلة التبليغ من قبل الشاب، وفي الرد من قبل الشيخ، يعني الشباب إذا جاءوا من أجل أمر رأوه منكراً ودماؤهم تغلو، تغلي دماؤهم وتفور غيرة لله، وعلى محارم الله يأتون إلى الشيخ بأسلوب قوي، وقد يبادرونه بـ (اتق الله يا شيخ) هذا الأسلوب ما هو مناسب، لكن الشيخ أيضاً عليه أنه إذا قيل له: اتق الله يتقي الله، هو مخاطب وهم مخاطبون، ولا يؤاخذهم بما تكلموا به من أسلوب غير مناسب، فعليه أن يؤدي ما عليه، ثم بعد ذلك الشيخ يدعو لهم ويرحب بهم، ويعرف أنه ما جاء بهم إلا الغيرة، ويوافقهم على بعض ما