للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: "من رواية مصعب بن شيبة، وهو متكلم فيه، وقد روى له مسلم" يعني أن الباحث حينما يسمع هذا الكلام يقول: متكلم فيه ثم ماذا إذا تكلم فيه وقد خرج له مسلم؟ أقل أحوال الحديث أن يكون حسناً، لكن لو أن المؤلف -رحمه الله تعالى- أشار إلى العلل الأخرى، وتضافرت هذه العلل على تضعيفه، لا بد أن يبحث ما يرفع جميع هذه العلل ليثبته، وإلا من خلال النظرة العابرة في كلام المؤلف يقول: من رواية مصعب بن شيبة وهو متكلم فيه، وقد روى له مسلم، ثم ماذا إذا تكلم فيه من تكلم وقد خرج له مسلم؟ لكن لو وجدت العلل الأخرى ما يمكن يتجه مثل هذا الكلام؛ لأنه إن لم يضعف بهذه العلة ضعف بغيرها.

"وقال البيهقي: إسناد هذا الحديث لا بأس به" لماذا؟ لأن تضعيفه من أجل مصعب بن شيبة وقد خرج له مسلم يمكن أن ينازع في سبب هذا التضعيف؛ لأن كلام من تكلم وقد خرج له في الصحيح لا شك أن النفوس تميل إلى الإثبات، يعني ثبوت الخبر بهذا الراوي الذي خرج له مسلم وإن مس بنوع من التجريح هذه مسألة.

المسألة الثانية: أن البيهقي لا شك أنه اطلع على العلة الأخرى وهي جهالة حال عبد الله بن مسافع، ولعله يرى أن مجهول الحال إذا لم يروِ ما يخالف به أو يعد من المنكرات أو الشواذ ما يشذ به أن روايته تكون مقبولة، وهذا منهج عند بعض المحدثين كابن حبان مثلاً.

لعله رأى في مثل هذا الحديث لما اشتمل عليه من حكم قد يكون فيه نوع مخالفة ونوع موافقة؛ لأنه ((من شك في صلاته فليسجد سجدتين)) ما فيه أنه يبني على اليقين ويزيد ركعة، أو أنه يتحرى الصواب، ومعلوم أنه إذا تحرى الصواب وغلب على ظنه؛ لأن الشك والظن فيهما نوع تداخل ونوع تباين، قد يطلق الشك ويدخل فيه الظن، ففي القاعدة اليقين لا يزول بالشك، قالوا: يدخل في الشك غلبة الظن، يدخل في الشك هنا غلبة الظن، فمن تيقن أنه أحدث مثلاً ثم غلب على ظنه أنه توضأ بعد الحدث يكفي وإلا ما يكفي؟ يكفي أنه غلب على ظنه أنه توضأ أو نقول: إن اليقين أنه أحدث؟ نعم عندهم في القاعدة من فروعها أنه لا يكفي، فاليقين لا يزول بالشك، وأدخلوا فيه غلبة الظن، لا يكفي غلبة الظن في مثل هذا، ما دام تيقن أنه أحدث لا بد أن يتيقن أنه توضأ.