والصلاة مضى تعريفها، وهي مضافة على التطوع من إضافة المصدر إلى مفعوله، والأصل صلاة المرء أو صلاة المسلم التطوع، والتطوع تفعّل، والأصل في هذه الصيغة أنها تحتاج إلى شيء من الاكتساب، وشيء من المشقة، من تفعل، مثل التكسب في الارتزاق يحتاج إلى شيء من المعاناة، والتطوع هو فعل الطاعة، فعل الطاعة هذا الأصل فيه، سواءً كانت واجبة أو مستحبة، ولكن العرف الخاص حمل هذه اللفظة على ما عدا الواجبات من النوافل والمستحبات، ويجمع أهل العلم على أن الصلوات الخمس فرائض، وكذلك الجمعة إلا في خلاف شاذ لا يلتفت إليه، ويختلفون فيما عدا ذلك كصلاة الكسوف والوتر والعيدين وتحية المسجد، فالخلاف معروف بين أهل العلم، فأما بالنسبة لتحية المسجد قد مضى الحديث فيها، وأن من أهل العلم من أوجبها، وعامة أهل العلم على أنها مستحبة، وصلاة الكسوف نقل النووي -رحمه الله تعالى- الإجماع على أنها سنة، وقال أبو عوانة في صحيحه بوجوبها، وترجم في صحيحه فقال: باب وجوب صلاة الكسوف، وصلاة العيد يختلف أهل العلم في حكمها، فمنهم من يقول: سنة كما هو المعروف عند المالكية، ومنهم من يقول بوجوبها كالحنفية، ومنهم من يقول بأنها فرض كفاية كالحنابلة وقول للشافعية، هذا بالنسبة لصلاة العيد، وصلاة الكسوف مضى الحديث فيها، والوتر جماهير أهل العلم على أنه سنة، وأوجبه الحنفية للأمر به، والأمر محمول على الاستحباب عند جمهور أهل العلم على ما سيأتي تقرير ذلك كله -إن شاء الله تعالى-؛ لأنه كان -عليه الصلاة والسلام- يصليه على الراحلة، وكان لا يفعل ذلك في المكتوبة، فدل على أن الوتر ليس مكتوباً، ليس بواجب، وإن جاء الأمر به على جهة الاستحباب والندب.