لأن الكثرة يراد بها في العدد، والطول في الوقت، فهل الأفضل أن يسجد سجدة واحدة في خمس دقائق، أو يسجد خمس سجدات في خمس دقائق؟ في الحديث يقول:((فأعني على نفسك بكثرة السجود)) لأنه أثر عن بعض السلف أنه يتطوع في اليوم والليلة بعدد كبير وكثير من الركعات، منهم من يتطوع بثلاثمائة ركعة، وإذا اعتبرنا الركعة بدقيقة في أقل ما يجزئ فيحتاج إلى خمس ساعات متواصلة، وذكر ابن المطهر الحلي الرافضي في كتاب: منهاج الكرامة عن علي -رضي الله عنه- أنه كان يتطوع في اليوم والليلة بألف ركعة، لكن شيخ الإسلام قال: الوقت لا يستوعب، لكن ثلاثمائة كما يذكر عن الإمام أحمد -رحمه الله- وعن غيره من السلف، الحافظ عبد الغني المقدسي ثلاثمائة، هل هذا هو الأفضل أو الأفضل أن يصلي بدل الثلاثمائة أقل لكن على طريقة أطول، بدلاً من أن يصلي الركعة بدقيقة يصليها بثلاث دقائق، وبدلاً من الثلاثمائة يصلي مائة، وصفة صلاته -عليه الصلاة والسلام- هي الطول، والحديث يدل على الكثرة، ولعلنا نعود إلى ما ذكرناه وقررناه سابقاً أن على كل إنسان أن يفعل ما يناسبه ويميل إليه، ليأتي إلى هذه العبادة وهو منشرح الصدر، فبعض الناس ميله إلى التخفيف مع الكثرة، وبعضهم ميله إلى التطويل مع التقليل، وكل إنسان يفعل الأرفق به، وما يعينه على لزوم هذه العبادات الذي يعينه على لزومها، لو قيل للإنسان: صل مائة ركعة، يمكن يصلي يوم ولا يصلي يوم ثاني، يعني بالتدريج، يصلي ما كتب له حسب ما يتيسر، وحسب فراغه، وحسب نشاطه يصلي، ولكن لا ينسى هذه الوصية:((فأعني على نفسك بكثرة السجود)).
قوله:((بكثرة السجود)) يدل على أنه لا حد محدد لا يزاد عليه ولا ينقص في صلاة التطوع، سواءً كانت بالليل أو بالنهار، وسيأتي في حديث عائشة أنه -عليه الصلاة والسلام- ما كان يزيد على إحدى عشرة ركعة، ويأتي ما فيه مع استحضار هذا الحديث -إن شاء الله تعالى-.