للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمر كما هو معروف الأصل فيه أنه للوجوب، وقد يصرف عن الوجوب إلى الاستحباب، وقد يرد الأمر ويراد به الإباحة، لا سيما إذا كان بعد حظر، فالأمر هنا لا يراد به التقرير، السنة كغيرها من السنن التي جاء الحث عليها كالركعتين بعدها، والركعتين بعد العشاء، والركعتين قبل الفجر والرواتب، والصلاة قبل العصر وغيرها من السنن، هذه لئلا يظن أنه لا يجوز التنفل قبلها؛ لاستحباب المبادرة بها، وجاء هذا الأمر متعقباً لذلك الحث على تعجيل صلاة المغرب؛ لئلا يظن أنه لا يجوز الصلاة قبلها، فجاء هذا الأمر، ولذا قال في الأخير: "كراهية أن يتخذها الناس سنة" يعني كراهية أن يتخذها الناس سنة إيش معنى الأمر أجل؟ لأن الإنسان قد يرى في هذا شيء من التناقض على ضوء ما عرفه من القواعد التي تعينه على التعامل مع النصوص هذا أمر، وأقل الأحوال أن يكون مستحباً، فكيف يقال: "كراهية أن يتخذها الناس سنة"؟ الحكمة والعلة ما ذكرنا أن المغرب تسن المبادرة بها، فخشية أن يظن بعض الناس أنه لا يجوز الاشتغال بغيرها قال: ((صلوا قبل صلاة المغرب)) يعني كأنه إذن في أن يصلى قبل صلاة المغرب ولو تأخرت صلاة المغرب قليلاً؛ لأن مثل هذا التأخر لا يضر، ولا يعوق عن تحصيل الصلاة في أول وقتها، ولا عن المبادرة بها، فدل على أن هذا الأمر ليس من أجل أن تتخذ سنة كغيرها من السنن التي جاء الحث عليها، وإنما هي لإزالة .. ، وإنما الأمر جاء لإزالة لبس، وإلا مثل ما ذكرنا قد يقول قائل: أمر ((صلوا قبل صلاة المغرب)) وأقل الأمر الاستحباب، فكيف يقول: "كراهية أن يتخذها الناس سنة؟ " يعني سنة راتبة، كما جاء في حديث ابن عمر وأم حبيبة وغيرهما.