أجل ألا يتعود الناس مثل هذا الأمر فيشبهوه بالواجبات، فإذا قرأ سبح، و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [(١) سورة الكافرون] و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [(١) سورة الإخلاص] في غالب الليالي يكون طبق السنة، وإذا ترك ذلك في بعض الليالي لا سيما إذا كان إماماً فإنه يكون قد طبق السنة، وحصل ما هو أعلى منها؛ لئلا يظن غير الواجب واجباً كما ذكرنا.
قراءة سورتي الإخلاص في الوتر في آخره، وفي ركعتي الصبح على ما تقدم، وفي ركعتي الطواف، وفي بعض الصلوات كركعتي راتبة المغرب مثلاً، كل هذا من أجل أن يفتتح ويختتم أعماله بإخلاص، فركعتا الصبح هما أول الأعمال في اليوم، وركعتي المغرب هما أول الصلوات بعد الفريضة بالنسبة لليل، والوتر ختام صلاة الليل.
وبالنسبة لركعتي الطواف أبدى بعضهم مناسبة وهي أنه لما طاف بهذا البيت وهو من الحجارة قد يخيل لبعض الناس أن هذه الحجارة لها شأن، أو لها شيء من حقوق الرب -جل وعلا-؛ لأنه يطاف بها وتعظم، فقراءة سورتي الإخلاص تنفي هذا الوهم.
"لا يسلم إلا في آخرهن" الحنابلة يقولون: أدنى الكمال بالنسبة للوتر ثلاث ركعات بسلامين، وهنا يقول:"لا يسلم إلا في آخرهن" نعم جاء التشبيه تشبيه الوتر بصلاة المغرب، فلا يجلس بعد الثانية كما يجلس بعد الثامنة إذا أوتر بتسع يجلس بعد الثامنة، لكن إذا أوتر بثلاث لا يجلس بعد الثانية؛ لئلا يشبهها بصلاة المغرب، وكذلك إذا أوتر بخمس، أو أوتر بسبع لا يجلس إلا في آخرهن.
لكن إن سلم من ركعتين، ثم جاء بالثالثة عملاً بحديث:((صلاة الليل مثنى مثنى)) كان له وجه، ويختاره جمع من أهل العلم.
"وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة" حديثها السابق: "كان يصلي ثلاث عشرة ركعة، يصلي ثمان ركعات ثم يوتر" يوتر بكم؟ ثلاث عشرة، يصلي ثمان ركعات ثم يوتر؟
طالب: ثلاث.
يعني بثلاث، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فإذا أراد أن يركع قام ... إلى آخره.