للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

((من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله ومن طمع)) يعني غلب على ظنه ((أن يقوم آخره فليوتر آخره)) لكن هناك طمع غلبة ظن مؤيدة، وهناك غلبة ظن بل هي وهم ليست بغلبة ظن، يتوهم الإنسان وتسول له نفسه وتمنيه أنه يقوم ولا يقوم، وما ذلكم إلا لأنه فرط في بذل الأسباب وانتفاء الموانع، فالذي سهر السهر الطويل، ويمني نفسه فينام ساعة، ثم يقول: إنه يقوم ليوتر هذا وهم، وليس بغلبة ظن، ولا طمع حقيقي.

((ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخره، فإن صلاة آخر الليل مشهودة)) تشهدها الملائكة ((وذلك أفضل)) لا شك أن صلاة آخر الليل أفضل، أفضل الصلاة الصلاة في جوف الليل بعد المكتوبة؛ لأنها مشهودة، والبال فارغ من أعمال الدنيا وأشغالها، ومن هواجسها ووساوسها وخطراتها، يكون الإنسان قد ارتاح بدنه، وارتاح ذهنه، وتفرغ لهذه العبادة.

"وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر، فأوتروا قبل طلوع الفجر)) " يعني يشهد له ما تقدم ((أوتروا قبل أن تصبحوا)) وانتهى وتره إلى السحر، وهنا الحديث بهذا اللفظ مضف.

((إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر، فأوتروا قبل طلوع الفجر)) يعني جاء عن بعض السلف أنه يقضي الوتر ما بين طلوع الصبح وصلاة الفجر، لكن مع هذه النصوص لا يمكن أن يقال بأنه يقضى بعد طلوع الصبح، والحديث بهذا اللفظ ضعيف عند أهل العلم، لكن له شواهد كثيرة.

على كل حال قضاء الوتر من فاته الوتر بعضهم يفرق بين من فاته تفريطاً، ومن فاته من غير تفريط، فمن فاته من غير تفريط يقضي، ومن فاته مفرطاً فأنه لا يقضي كما يقول بعضهم في الفرائض، بعضهم يقول: الفريضة إذا فاتت عن عمد وإصرار فإنه لا يقضيها.

ونقل ابن حزم على ذلك الإجماع، مع أنه نقل الإجماع على ضده أنها تقضى، ولو فرط ولو تعمد، نقل الإجماع على أنها تقضى، وهو قول عامة أهل العلم أنها تقضى، فإذا أمر غير مفرط بالقضاء فلأن يؤمر المفرط من باب أولى.

يقول: "رواه الترمذي".