"وله عن عبد الله بن شقيق قال: قلت لعائشة هل كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي الضحى؟ قالت: "لا، إلا أن يجيء من مغيبه" يعني يجيء مسافر، وقد تخفف من كثير من السنن في السفر إذا جاء مجرد ما يصل وينقطع عنه الوصف المقتضي للتخفيف يصلي "إلا أن يجيء من مغيبه" فهنا نفت عائشة أنه كان يصلي الضحى إلا لمناسبة وهي المجيء من السفر، وأثبتت في الحديث الذي قبله أنه كان يصلي أربعاً، وفي حديثها اللاحق قالت: "ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي سبحة الضحى قط" يعني الإثبات منقول، والنفي منقول، وتقول: "وإني لأسبحها" يعني لأصليها، يعني عائشة تخالف فعله -عليه الصلاة والسلام-؟ كونها ما رأت ما رأت، لكن لا يعني كونها ما رأت أنه ما صلى، بل قد يكون ثبت عندها أنه صلى بخبر غيرها، وهذا لا ينفي أنها ما رأت، ولذلك قالت: وإني لأسبحها، ولو لم يبلغها شيء من فعله -عليه الصلاة والسلام-، لا يمكن أن تخالفه وأن تفعل شيئاً لم يفعله -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه قد يقول قائل: إن هذه معاندة، ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي سبحة الضحى قط، وإني لأسبحها، كيف؟ يعني هذه مصادمة، لكن كونها ما رأت لا يعني أنه لم يفعل، ولا يعني أنه لم ينقل إليها عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه فعل، ولذلك عملت بخبر من أخبرها عنه -عليه الصلاة والسلام- فقالت: "وإني لأسبحها" وذكرت العلة التي من أجلها كان يترك صلاة الضحى "وإن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم" النبي -عليه الصلاة والسلام- من شفقته ورحمته ورأفته بأمته يترك الشيء خشية أن يفرض عليهم، وندم -عليه الصلاة والسلام- على دخول الكعبة لئلا يشق على أمته؛ لأن من رأى أو علم أو سمع أنه -عليه الصلاة والسلام- دخل الكعبة يحرص أشد الحرص على أن يدخل ثم يلحق الناس بذلك الضرر والمشقة.