سجود التلاوة المقصود بالتلاوة تلاوة آيات السجدة، وليس مطلق التلاوة؛ لأنك تقرأ الفاتحة ولا تسجد، تقرأ البقرة ولا تسجد، تقرأ آل عمران ولا تسجد، وتقرأ من القرآن تسعة أجزاء إلا ربعاً ثم تسجد في نهاية سورة الأعراف في الموضع الأول من مواضع سجود التلاوة، فالمراد بالتلاوة شيء خاص وهو ما فيه سجدة؛ لأن مقتضى الإضافة أن يسجد عند كل تلاوة، وهذا ليس بمراد قطعاً، وإنما السجود إنما هو إذا قرئت آية سجدة، نعم قد يقرأ ثم يركع، لكن ليس هذا هو المراد، إذا انتهى من قراءته ركع، لكن السجود هنا المضاف للتلاوة عند مرور آية فيها سجدة، وكذلك الشكر سجود الشكر عند ما تتجدد نعمة أو تندفع نقمة، يسجد المسلم شكراً لله تعالى عند تجدد النعم، وإلا فلا يزال المسلم يتقلب في نعم الله التي لا تعد ولا تحصى، فلو قيل بالشكر عند أي نعمة لم يزل المسلم ساجداً لله -جل وعلا-؛ لأن نعمه لا تنقطع، ولذا قالوا في الشكر أنه لا ينقطع؛ لأن النعم لا تنقطع، وكل نعمة تحتاج إلى شكر، إذاً لا يزال المسلم شاكراً، وهذا لا إشكال فيه، وإن لزم عليه التسلسل؛ لأن هذه النعمة تحتاج إلى شكر، والشكر نعمة يحتاج إلى شكر وهكذا، ولا يمتنع التسلسل في مثل هذا، لكن لا يقال بأنه كل ما وجد الشكر يوجد السجود، لا، وإنما هو عند النعم المتجددة، وأما النعم المطردة الدائمة فلا؛ لأنه يلزم على ذلك أن يكون المسلم في حال سجود دائماً، ومعلوم أن المسلم وحياة المسلم فيها وظائف متعددة، فإذا تجدد نعمة بهذا القيد نعمة بالميزان الشرعي.