"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي)) " يندب نفسه ((يقول: يا ويلي)) وفي لفظ: ((يا ويله)) وكلاهما في الصحيح، يقول:((يا ويلي)) كما هنا أو يقول: ((يا ويله)) والمعنى واحد، لكن من باب الأدب أن لا يضيف الإنسان إلى نفسه لفظاً شنيعاً أو قبيحاً، إذا حكاه عن غيره كما قالوا:"هو على ملة عبد المطلب" يعني هل أبو طالب قال: "هو على ملة عبد المطلب؟ " لا، نسبه إلى نفسه، لكن الرواة يتحاشون أن ينسبون هذا القول القبيح الشنيع إلى أنفسهم، ومثله:((يا ويله)) وإلا فالأصل أنه قال (الشيطان): ((يا ويلي)) هذا إذا لم يوقع في لبس، أما إذا أوقع في لبس فلا بد من التصريح باللفظ، قصة ماعز كل الرواة يقولون: قال ماعز: "إني زينت" ما قالوا: إنه زنى؛ لئلا يظن أن هذا لفظ ماعز، وحينئذٍ لا يلزم التصريح وإضافة الفعل إلى النفس لإقامة الحد، كلهم يقولون:"إني زنيت" الرواة كلهم؛ لأن هذا يترتب عليه لو جيء بقوله:"إنه زنى" لترتب عليه درء الحد؛ لأنه لم يصرح بإضافته إلى نفسه، وأما في مثل هذا فلا داعي لأن ينسب الشر إلى نفسه، واللفظ القبيح إلى نفسه، مع أنه لو نسبه إلى نفسه فالحاكي لا يأخذ حكم القائل، وحاكي الكفر ليس بكافر.
((أمر ابن آدم بالسجود فسجد)) يعني أمرنا بالسجود سواءً كان في الصلاة أو في التلاوة، أو في غيرهما من أنواع السجود ((فسجد)) يعني امتثل، والذي يمتثل الأوامر ويجتنب النواهي هذا هو التقي له الجنة ((فله الجنة)).