"وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)) متفق عليه، ولأحمد وأبي داود والحاكم وقال: على شرطهما: ((لا تمنعوا النساء أن يخرجن إلى المساجد، وبيوتهن خير لهن)) " في قوله: ((لا تمنعوا إماء)) النهي هذا موجه إلى أولياء الأمور من الزوج والأب، ومن ولي أمر امرأة فإنه يتوجه إليه الخطاب، فالزوج لا يجوز له أن يمنع زوجته، والأب لا يجوز له أن يمنع ابنته، والأخ لا يجوز له أن يمنع أخته، وإذا توجه الخطاب إليهم عرفنا أن المرأة ليس لها أن تخرج من بيتها إلا بإذن ولي أمرها الذي يتجه إليه الخطاب في هذا الحديث:((لا تمنعوا)) لأنه لو لم يكن له شأن لما توجه النهي إليه، كيف يقال: لا تمنع وهو في الأصل ليس له أن يمنع؟ فلولا أنه في الأصل له أن يمنع لما توجه إليه النهي بـ ((لا تمنعوا)) فلا يجوز للمرأة أن تخرج من بيتها إلا بإذن زوجها، وإذا لم تكن متزوجة فلا تخرج إلا بإذن أبيها؛ لأنه هو ولي أمرها، وهو مالك أمرها، وهو الذي يقوم على مصالحها، وهو الذي يكفها ويكف عنها عما يشينها ويدنسها، وعارها عار له، وعرضها عرض له، فاتجه النهي إلى ولاة الأمور، فلا يجوز للأب أن يمنع ابنته، ولا يجوز للزوج أن يمنع زوجته إذا أرادت الخروج إلى المسجد، والإماء جمع أمة، والمراد بها المرأة، وهل يدخل في هذا الأمة الرقيقة، فلا يجوز لسيدها أن يمنعها أو أن هذا في الأحرار اللواتي أمرهن في الخدمة أقل من أمر الأرقاء؛ لأن الرقيقة مشغولة بخدمة سيدها، وإذا كان للسيد أن يمنع الرقيق من حضور ما يفوت مصلحته فلأن يمنع الرقيقة التي لا تجب الجماعة عليها أصلاً من باب أولى، فهل يقول: إن الإماء داخلات في النص الرقيقات أو أن هذا في الحرائر؟ الأمة كالعبد مشغولان بخدمة السيد، وخفف ورخص لهم في بعض الواجبات؛ لئلا يترتب على ذلك تفويت حق السيد.