للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

((من أكل من هذه الشجرة)) جاء تسميتها بالخبيثة، أو وصفها بالخبيثة، ومع ذلك هي حلال وليست بحرام، وإن قال ابن حزم بتحريم أكل الثوم والبصل، لكن سئل النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في صحيح مسلم: أحرام هما؟ قال: ((أنا لا أحرم ما أحل الله)) فيبقى أن الإنسان إذا وجدت الحاجة لأكل الثوم والبصل لعلاج يعني ذكر له الثوم مثلاً علاج، ولا سبيل إلى علاج ولا بد منه، ولا بديل عن الثوم يأكل ثوم، ويكون حينئذٍ معذور في ترك الجماعة، يعني نظير فيما لو مرض يوم الامتحان معذور يعطى عذر، ويختبر مرة ثانية، هذا عذر إذا كان محتاج إليه، أما أكله بدون حاجة فلا شك أنه يترتب عليه الحرمان العظيم من دخول المسجد، والحرمان مركب، العلة مركبة من شقين، وهي الأذى في المسجد ((فلا يقربن مسجدنا)) لا يصلي معنا فلا يؤذنا، مركبة من أمرين: الأذى والمسجد، فلو أكل مجموعة من الناس الثوم خارج المسجد نقول: لا يصلون جماعة؟ كلهم أكلوا ثوم؟ أو نقول: لا يأكلون ثوم لأن الجماعة قائمة؟ العلة مركبة من أمرين: ((فلا يقربن مسجدنا)) وأمر بإخراجه من المسجد الأمر الثاني: الأذى، فلو اتفق جماعة على أكل الثوم خارج المسجد في رحلة أو نزهة فأكلوا جميعاً ثوم وصلوا فلا إشكال.

لو دخل بمفرده وقد أكل الثوم بالمسجد، وأراد أن يصلي ركعتين نقول: اخرج عن المسجد؟ مع عدم وجود الأذى، ما يوجد من يتأذى به، نقول: هذا شق العلة، وأعظم من ذلك الحدث في المسجد مثلاً، جالس في المسجد عرض له ريح هل يرسل هذه الريح أو لا يرسلها؟ إذا وجد من يتأذى وفي المسجد لا يجوز بحال مثل الثوم بل أشد، لكن إذا وجدت الحاجة ولا يوجد من يتأذى؟ في حديث أبي هريرة: ((فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)) قال ابن العربي في العارضة: وفيه جواز إرسال الريح في المسجد للحاجة، يعني قد يقول قائل: إن ما جاء في حديث أبي هريرة مغلوب، يعني ليس بطوعه واختياره، والمغلوب لا حكم له، فإذا كان مختاراً لا يجوز له ذلك، لكن مع ذلك ابن العربي يقول: يجوز إرسال الريح في المسجد للحاجة، أما إذا وجد من يتأذى فإنه لا يجوز؛ لأنه أشد من الثوم والبصل.

قال -رحمه الله تعالى-: