((ترك الصلاة)) الترك يبحث في هذا اللفظ الترك يعني عدم الإتيان بالصلاة، وهل يطلق على من ترك فرضاً واحداً بأنه تارك للصلاة، أو لا بد أن يترك فروض، ويفرق بين من لا يصلي ألبتة وبين من يصلي أحياناً ويترك أحياناً؟ والترك مصدر ترك يترك تركاً، والفاعل تارك، والفعل بهذه الصيغة ينطبق على من تركها مرة واحدة؛ لأن الترك يحصل بمرة واحدة، لكن لو قيل: تراك صيغة مبالغة، أو تروك اتجه القول بأنه لا يكفر بتركها مرة واحدة، فماذا عن من يصلي أحياناً ويترك أحياناً؟ نقول: مثل هذا بحسب ما يختم له به، فإن ختم له بفعلها فهو مسلم، وإن ختم له بتركها فهو تارك، والذي يترك فرض واحد كافر، وإذا تعمد إخراج الصلاة عن وقتها ولو فرض واحد فإنه حينئذٍ لا يقضي؛ لأنه بهذا كفر.
والصلاة لا تصح قبل دخول وقتها، كما أنها لا تصح بعد خروجه إذا تركت عن عمد فلا تقضى، وابن حزم نقل على هذا الاتفاق، مع أن من أهل العلم من نقل الاتفاق على خلافه، بمعنى أنه لو تعمد ترك الصلاة حتى يخرج وقتها وفي نيته أن يصلي إذا خرج وقتها كمن يضبط المنبه على الدوام، يضبط الساعة على السابعة ويقول: إذا قام للدوام صلى الفجر، ومعروف أن هناك فتوى تداولها الناس أنه يكفر بهذا، يعني ممن يعتد بقوله من أهل العلم، وهذا جار على الإجماع الذي نقله ابن حزم.
وأما ما نقله غيره من أنه يجب عليه قضاؤها اتفاقاً، وهذه من المسائل النادرة التي ينقل الاتفاق على طرفيها، القول بعدم القضاء اتفاق نقله ابن حزم، والقول بالقضاء وبوجوبه اتفاق نقله بعضهم، وقالوا: إنه إذا أُمر المعذور بقضاء الصلاة فلأن يؤمر من لا عذر له من باب أولى، هذا إذا كان عازماً على قضائها بعد خروج وقتها، يعني ما في نيته الترك المطلق، وإنما يقول: إذا انتبهت إلى الدوام صليت، لا شك أن هذا مرتكب موبقة من الموبقات، وعلى خطر عظيم، لكن الكفر شأنه عظيم أيضاً.