"قالت: فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي بالناس جالساً وأبو بكر قائماً" ولما صلى بهم في داره جالساً قاموا أشار إليهم: أن اجلسوا، وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعين، وهذا تقدم، ويعارضه هذا الحديث، وهو متأخر عنه، وعرفنا المذاهب في هذه المسألة، المالكية يرون عدم صحة إمامة القاعد لا من قيام ولا من قعود، ما يصلى خلفه، والحنفية والشافعية يرون أنه يصلى خلف القاعد من قيام فقط، عملاً بهذا الحديث، وهو ناسخ للحديث السابق، والإمام أحمد يقول: يمكن الجمع بينهما، فإذا ابتدأ إمام الحي الصلاة قاعداً لعلة يرجى برؤها صلوا قعوداً، وإذا افتتحت الصلاة من قيام كما هنا افتتحها أبو بكر من قيام فإنهم يصلون خلفه قياماً، والقيود التي ذكرها الإمام أحمد استحسنها كثير من أهل العلم.
"وأبو بكر قائماً يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر" الأصل أن القدوة هو الرسول -عليه الصلاة والسلام- وهو الإمام، لكن القاعد ما يراه المأموم، إنما يرون القائم مثلهم، وأبو بكر قائم مثلهم "وصوته -عليه الصلاة والسلام- ضعيف لا يبلغهم، وصوت أبي بكر يبلغهم" وفي هذا استحباب اتخاذ من يبلغ الصوت عند ضعفه، ويقوم مقامه هذه المكبرات، ولا داعي للجمع بين المكبرات ومن يبلغ؛ لأن التبليغ قدر زائد على الحاجة، ومع الأسف أنك تجد في مساجد ما يصلي فيها ولا نصف صف، وتجد المكبرات على أعلى درجاتها، وقد يتخذون من يبلغ الصوت.
في بعض البلدان التي فيها من المسلمين يقول شخص: أنا صليت في مسجد ما فيه إلا أنا والإمام، أقيمت الصلاة ما أدري من أين أقيمت؟ وإذا ركع بلغ، وإذا رفع بلغ، نبحث، يوم سألت الإمام وين المؤذن اللي يبلغ؟ قال: شوفه في غرفة هناك، غرفة زجاجية هناك في آخر المسجد، إشكال، إشكال كبير يعني، مثل هذه التصرفات وبعض الشباب، بعض الناس يمرض إذا صلى في بعض المساجد، ترفع المكبرات على أعلى درجاتها، وما في أدنى مبرر، ومؤثرات على شان إيش؟ والله المستعان.