يدهس الناس في طريقه، كيف يغش به بيت من بيوت المسلمين ويزوج من بناتهم وهو مجنون على حد زعمك؟! أو إذا جاء الدين قلت: مجنون، وإذا جاءت أمور الدنيا صار من أعقل الناس؟! يعني هذه مسائل واقعية، فكون الناس يؤمرون، كون الصبيان يؤمرون كلهم لسبع لئلا يتذرع بالتمييز من يريد أن يتساهل بتربية أولاده على الفضل والدين، ويمرنهم على ذلك؛ لأن بعض الناس لا يهتم بأمر الصلاة، ولا يريد أن يشق عليه إذا كان يلهو أو يلعب ليش يقطع عنه اللعب، وإذا كان يتابع مسلسل وإلا شيء وعمره ثمان سنوات مسكين والله ما ميز، لكن خليه يتأخر عن الدراسة تشوفون مميز وإلا غير مميز؟
على كل حال الأمر العمومي ينظر فيه التمييز العمومي وهو سبع، والأمور الخاصة ينظر فيها إلى ما يميز به كل شخص بنفسه، ولذا الإمامة هنا لابن ست سنين أو سبع سنين، يصح سماع الحديث من المميز، وحدد جمهور أهل العلم التمييز بالنسبة للسماع بخمس سنين؛ لماذا؟ لأن محمود بن الربيع كما في صحيح البخاري عقل المجة التي مجها النبي -عليه الصلاة والسلام- في وجهه وهو ابن خمس سنين، وفي راية: ابن أربع سنين، هذا ميز، لكن هل كل الصبيان يميزون لخمس أو لست أو لسبع؟ ولذا الصواب أن صحة السماع تبدأ من التمييز، وتمييز كل إنسان بحسبه، فقد يميز لخمس، وقد يميز لست، وقد يميز لسبع، وقد لا يميز أبداً.
يقول ابن الصلاح:"ومن لا يبلغ حد التمييز فإنه لا يسمع لحديثه ولو بلغ الخمسين" فالأمور الخاصة يعني التعليم يعلم كل إنسان إذا ميز، واستطاع أن يتحمل العلم، وبالنسبة للصلاة المطلوبة من الجميع يؤمر بها لسبع، ولو ميز قبل ذلك لا يؤمر، ولو تأخر تمييزه عن السبع لا بد أن يؤمر ما لم يكن مجنوناً، قد يقول قائل: إن الأمور لا تنضبط بالنسبة للتعليم إذا رددناه إلى التمييز الخاص، أما بالنسبة للتعليم في المساجد على طريقة أهل العلم في صدر هذه الأمة فهذا ممكن ضبطه، يكتبون لابن خمس سنين: سمع، العلماء إذا أرادوا أن يكتبوا في الطباق أسماء من حضر الدرس وسمع الكتاب: سمع فلان وفلان وفلان بما فيهم ابن خمس سنين لأنه مميز، وأما من لم يبلغ الخمس فيقال: حضر، ولا يقال: سمع؛ لأن الخمس هي الحد عند الأكثر.