للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واجب؛ لماذا؟ لأنه يشتمل على ضمير يعود على متأخر لفظاً ورتبة.

وشاع نحو: خاف ربه عمر ... وشذ نحو: زان نوره الشجر

مثل هنا.

((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)) الأقرأ هل هو الأحفظ كما تقدم في حديث عمرو بن سلمة، يعني الأكثر حفظ، أو الأجود قراءة؛ لأن الناس حيال القرآن يتفاوتون، قد يكون بعضهم يحفظ القرآن كاملاً وهو كثير الخطأ فيه، كثير اللحن والتحريف والتصحيف، ومنهم من حفظه قليل لكنه مجود ومتقن، ومنهم من يجمع بين الأمرين، ومنهم من يحفظ القليل مع التصحيف والتحريف، ولا شك أن المطلوب الجمع بين تجويد القراءة مع كثرة الحفظ، هذا أولى الناس بالإمامة.

ثم إذا تعارض التجويد مع كثرة المحفوظ فالوجه المأمور به في القراءة هو التجويد والترتيل والتدبر هذا هو الوجه المأمور به، فإذا عورض هذا الوجه المأمور به بكثرة محفوظ مع الإخلال بما أمر به، فلا شك أن الوجه المأمور به هو المنظور إليه والملاحظ، فإذا كان يحفظ جزءاً متقناً مجوداً يتدبر فيه أفضل ممن يحفظ جزأين على غير هذه الصفة؛ لأننا أمرنا بالترتيل، أمرنا بالتدبر، لا شك أن القراءة من غير تدبر ولا ترتيل محصلة لأجر الحروف، يعني كل حرف عشر حسنات، لكن القراءة بالتدبر والترتيل هي التي تترتب عليها الثمرة من الأمر بالقراءة، قراءة القرآن على الوجه المأمور به كما يقول شيخ الإسلام يحصل بها من الإيمان واليقين والطمأنينة والمعرفة والعلم ما لا يحصل بغيرها.

فتدبر القرآن إن رمت الهدى ... فالعلم تحت تدبر القرآنِ

فالتدبر شأنه عظيم، فإذا وجد من هذه حاله، من يتأثر في نفسه، ويؤثر في سامعه فهو أولى من غيره، وإن كان أكثر منه حفظاً.

يقول ابن القيم -رحمه الله-: "أهل القرآن هم أهل العناية به وقراءته وتدبره وترتيله وتعلمه وتعليمه ولو لم يحفظوه" وليس في هذا تقليل لشان الحفظ، لا، لكنه لفت واهتمام بشأن أهمله كثير من طلاب العلم بما فيهم الحفاظ.