((فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة)) قد يقول قائل: إن التقديم بالقرآن حينما يتفاضل القراء فأقرؤهم هو الأولى، طيب إذا تساووا القراء فيرجح صاحب السنة الأعلم بالسنة، وهذا هو المفهوم من الحديث، فالمنظور إليه في الحديث قراءة القرآن وإتقان القرآن هذا بالدرجة الأولى، ولم يتعرض في الحديث بين قارئ غير فقيه وفقيه غير قارئ، إنما في الحديث الأقرأ، هذا بالدرجة الأولى، لكن وجد أكثر من أقرأ، عندنا عشرة حفاظ كلهم مجودون ومتقنون، يفاضل بينهم بالسنة، وليست حينئذٍ السنة مرتبة ثانية، وإنما هي مرجح عند التفاضل، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ لأنه في الحديث يقول:((فإن كانوا في القراءة سواء)) المسجد يصلي فيه مائة، لكن منهم عشرة حفاظ على مستوى واحد يرجح بالسنة؛ لأنه يحتاج في صلاته إلى أحكامها، وهي موجودة في السنة، وعلى هذا فلو وجد شخص أميز منهم في القراءة فهو مقدم من غير نظر إلى وصف آخر.
((فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة)) هذا أيضاً مرجح، هجرة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- لأن الصحابة اختلفوا في هجرتهم، فمنهم من هاجر قبله، ومنهم من هاجر معه، ومنهم من هاجر بعده، فالأقدم هو الأولى بالإمامة إذا تساووا في القرآن والسنة.
((فإن كانوا في الهجرة سواء)) يعني هاجروا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- معاً فأقدمهم سلماً، وليس المراد الهجرة المقصورة على الهجرة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، بل إلى آخر الزمان، من هاجر من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام قبل غيره فهو أولى بالإمامة ممن تأخرت هجرته عند التساوي.