((ثم الذين يلونهم)) ثلاثاً ((وإياكم وهيشات الأسواق)) المراد بها الهيشات والهوشات في الأصل الخصومات وارتفاع الأصوات، وهذا غير مقبول في الأسواق فكيف بالمساجد؟! ارتفاع الأصوات وكثرة اللغط والفتن التي تحصل في الأسواق لا تنقلوها إلى مساجدكم، وهذا يحتمله اللفظ، ويحتمل أيضاً أن يكون المراد بهيشات الأسواق من يحصل منهم هذا اللغط، ومن يحصل منه كثرة الأصوات واللغط هم ضد أولي الأحلام والنهى؛ لأن أولي الأحلام والنهى لا يحصل منهم لغط ولا أصوات، يتصفون بالحلم والرزانة والعقل، وأما هيشات الأسواق وما يحصل منهم فإن هؤلاء لا يمكنون من القرب من الإمام، لا بطردهم من هذا المكان كما قلنا في الأسواق، وإنما بقطع الطريق عليهم بتقدم أولي الأحلام والنهى، وكثيراً ما نجد من هذه صفته من أهل اللغط وارتفاع الأصوات تجده في مقدمة المسجد، يتقدم مع الأذان أو قبل الأذان، وتجد كلامه من صلى تحية المسجد أو الراتبة إلى الإقامة وهو في القيل والقال، يعني شيوخ كبار سن يتقدمون إلى الصلاة، ثم ينشغلون بفلان وعلان، وحصل بعض المواقف الطريفة يتكلمون ومكبر الصوت قد نسيه المؤذن ما أقفله، وكلامهم الذي يضحك منه الصبيان يصل إلى البيوت، هناك أمثلة ونماذج، لكن الله المستعان.
فالإنسان الذي تقدم إلى المسجد يرجو ما عند الله -جل وعلا- كيف يطلق لسانه بالغيبة والنميمة؟! يعني إذا كان لا يقرأ القرآن يستغل الوقت بالذكر، ينتظر الصلاة وهو الآن في صلاة ما دام ينتظر الصلاة، فعليه أن يستغل الوقت بالذكر إذا كان لا يحسن قراءة القرآن، وإذا كان يقرأ القرآن يشغل وقته بقراءة القرآن، أما الانشغال بالقيل والقال وسفاسف الأمور والأمور التي لا تعنيه و ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)).