وقال ابن المنذر: ثبّت الحديث أحمد وإسحاق، وقال أبو عمر بن عبد البر: في إسناده اضطراب.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم بالسكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا)) متفق عليه، واللفظ للبخاري، وفي لفظ لمسلم:((صلِ ما أدركت، واقضِ ما سبقك)) ورواه أحمد عن ابن عيينة عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة: ((وما فاتكم فاقضوا)).
وقد وهم بعض المصنفين في قوله: إن لفظ القضاء مخرج في الصحيحين، وقال أبو داود: قال يونس الزبيدي وابن أبي ذئب وإبراهيم بن سعد ومعمر بن راشد وشعيب بن أبي حمزة عن الزهري: ((وما فاتكم فأتموا)) وقال ابن عيينة: عن الزهري وحده: ((فاقضوا)) وقال مسلم: أخطأ ابن عيينة في هذه اللفظة، ولا أعلم من رواها عن الزهري غيره، وفي قول أبي داود ومسلم نظر، فإن أحمد رواها عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري، وقد رويت من غير وجه عن أبي هريرة، وقال البيهقي: والذين قالوا: فأتموا أكثر وأحفظ وألزم لأبي هريرة -رضي الله عنه-، فهو أولى، والتحقيق أنه ليس بين اللفظين فرق، فإن القضاء هو الإتمام لغة وشرعاً. والله أعلم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فقد قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
"وعن قتادة عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((رصوا صفوفكم)) " أمر بالتراص في الصف، وسد الخلل والفرج، وقال بعض أهل العلم بوجوبه، بوجوب التراص في الصف ((ألا تصفون كما تصف الملائكة)) وهم يتراصون في الصف.
((وقاربوا بينها)) قاربوا بين الصفوف، التراص يكون في الصف الواحد، والمقاربة بين الصفوف بألا يكون الصف الثاني بعيداً عن الصف الأول، يعني بقدر الحاجة، والمسافة بين الصف الأول والثاني المتر كافي، أو متر وشيء يسير، أما أن يجعل هناك مسافة بعيدة عن الصفين مخالف للمقاربة بينها.