أعلاقا وذخائر من الْكتب فَلَمَّا أسن وَضَعفه عَن التَّعْلِيم تَركه وَصَارَ يتقوت من أَثمَان تِلْكَ الْكتب يَبِيعهَا شَيْئا بعد شَيْء إِلَى أَن فنيت وَيسر الله لَهُ شَيْئا تعيش بِهِ نَحوا من تِسْعَة أشهر وَقبض بعد ذَلِك رَحمَه الله قَالَ وَكَانَ صرورة مَا تزوج قطّ وَلَا تسري وَإِنَّمَا كَانَت رغبته وهمته فِي الْعلم وَالْعِبَادَة وَأنْشد لَهُ
(سليخة وحصير لبيت مثلي كثير ... )
(وَفِيه شكرا لرَبي خبز وَمَاء نمير ... )
(وَفَوق جسمي ثوب من الْهَوَاء ستير ... )
(وَإِن قلت إِنِّي مقل إِنِّي إِذا لكفور ... )
(قررت عينا بعيشي فدون حَالي الْأَمِير ... )
وأنشدني أَبُو سُلَيْمَان بن حوط الله قَالَ أَنْشدني أَبُو عمرَان هَذَا لنَفسِهِ من أَبْيَات
(إِلَى كم أَقُول وَلَا أفعل ... وَكم ذَا أحوم وَلَا أنزل)
(وأزجر نَفسِي فَلَا ترعوي ... وأنصح نَفسِي فَلَا تقبل)
(وَكم ذَا أومل طول الْبَقَاء ... وأغفل وَالْمَوْت لَا يغْفل)
(أَمن عَيْش سبعين أَرْجُو الْبَقَاء ... وَسبع أَتَت بعْدهَا تعجل)
(كَأَن بِي وشيكا إِلَى مصرع ... يسَار بنعشي وَلَا أمْهل)
(فيا لَيْت شعري إلام الْمصير ... وماذا أُجِيب إِذا أسأَل)
(فيا لَيْت شعري بعد السُّؤَال ... وَطول الْحساب لما أنقل)
(وَيَا عجبا عِنْد ذكري لهَذَا ... وَعلمِي بِذَاكَ وَلَا أذهل)
وأنشدني لَهُ غَيره يُخَاطب نَفسه
(تحفظ بِدينِك لَا تبتذله ... وَلَا يلف عرضك عرضا كليما)
(وعد عَن الذَّنب لَا تأته ... وبادر لإِصْلَاح مَا مِنْك ليما)
(فَأَنت ابْن عمرَان مُوسَى الْمُسِيء ... وَلست ابْن عمرَان مُوسَى الكليما)
وأنشدني غَيره لَهُ
(عجبا لنا نبغي الْغنى والفقر فِي نيل ... الْغنى لَو صحت الْأَلْبَاب)