وأما في الصفات فقالوا إن إثبات صفات متغايرة مغايرة للموصوف يستلزم التعدد وهو تركيب ممتنع مناقض للتوحيد.
والرد عليهم من وجوه:
الأول: أن الله تعالى جمع فيما سمى ووصف به نفسه بين النفي والإثبات فمن أقر بالنفي وأنكر الإثبات فقد آمن ببعض الكتاب دون بعض والكفر ببعض الكتاب كفر بالكتاب كله قال الله تعالى منكراً على بني إسرائيل: {أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون}[البقرة: ٨٥] وقال تعالى: {إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً أولئك هم الكافرون حقاً واعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً}[النساء: ١٥٠] .
الثاني: أن الموجود المطلق بشرط الإطلاق لا وجود له في الخارج المحسوس وإنما هو أمر يفرضه الذهن ولا وجود له في الحقيقة، فتكون حقيقة القول به نفي وجود الله تعالى إلا في الذهن، وهذا غاية التعطيل والكفر.
الثالث: قولهم: " إن الصفة عين الموصوف، وإن كل صفة عين الصفة الأخرى " مكابرة في المعقولات، سفسطة في البدهيات، فإن من المعلوم بضرورة العقل، والحس أن الصفة غير الموصوف، وأن كل صفة غير الصفة الأخرى فالعلم غير العالم، والقدرة غير القادر، والكلام غير المتكلم، كما أن العلم والقدرة، والكلام، صفات متغايرة
الرابع: أن وصف الله تعالى بصفات الإثبات أدل على الكمال من وصفه بصفات النفي، لأن الإثبات أمر وجودي يقتضي تنوع الكمالات في حقه، وأما النفي فأمر عدمي لا يقتضي كمالاً إلا إذا تضمن إثباتاً وهؤلاء النفاة لا يقولون بنفي يقتضي الإثبات.