للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: (وربك الغفور ذو الرحمة) (١) [الكهف: ٥٨] فإن الآية الثانية دلت على أن الرحيم هو المتصف بالرحمة ولإجماع أهل اللغة والعرف أنه لا يقال: عليم إلا لمن له علم ولا سميع إلا لمن له سمع ولا بصير إلا لمن له بصر وهذا أمر أبين من أن يحتاج

إلى دليل (٢) .

وبهذا علم ضلال من سلبوا (٣) أسماء الله تعالى معانيها من أهل التعطيل (٤) وقالوا: " إن الله تعالى سميع بلا سمع وبصير بلا بصر وعزيز بلا


(١) ... والشاهد من الآية قوله (ذو الرحمة) وقد ذكر المفسرون أن معناها: صاحب الرحمة أي أن الرب موصوف بها، ففرق بين الرحيم وبين (ذو الرحمة) تأكيداً لإثبات الصفة لله
يقول الآلوسي في تفسيره (١٥/٣٠٥) : وعلى هذا يكون ذو الرحمة أبلغ من كل واحد من الرحمن الرحيم وإن كانا معا أبلغ منه ولذا جاء بهما في البسملة دونه، ومن أنصف لم يشك في أن قولك فلان ذو العلم أبلغ من قولك فلان عليم بل ومن قولك: فلان العليم من حيث أن الأول يفيد أنه صاحب ماهية العلم ومالكها ولا كذلك الأخيران ا. هـ
وقد أول الخلف صفة الرحمة إما بالإنعام أو بإرادة الأنعام.
وانظر الرازي (٢١/١٢١) وحاشية الشهاب على البيضاوي (٦/١٩٨)
⦗٢٨⦘_
(٢) وهو كما قال المؤلف حفظه الله، وللنسفي في التبصرة تفصيل في ذلك.
وقال في مراقي السعود:
وعند فقد الوصف لا يشتق ... وأعوز المعتزلي الحق
يعني أن الذات إذا لم تتصف بالمصدر فلا يصح الاشتقاق لها منه فلا يصح اشتقاق الضارب لمن لم يقم منه ضرب أصلاً ولا اشتقاق الأسود لمن لم يقم به سواد خلافاً للمعتزلة القائلين بجواز ذلك مع عدم اتصاف الذات بالمصدر

انظر نثر الورود للشنقيطي (١/١٢٩) وأقاويل الثقات للشيخ مرعي الكرمي ص ٦٧
(٣) ... السلب بمعني النفي أي نفوا المعاني والصفات من أسماء الله
انظر التحفة المهدية شرح التدمرية لفالح المهدي ص ٥٠
(٤) من المعتزلة والفلاسفة وغيرهما الذين نفوا الصفات
والتعطيل لغة: التفريغ وفي الاصطلاح هنا: إنكار ما يجب لله تعالى من الأسماء والصفات أو ِإنكار بعضه فهو نوعان:
تعطيل كلي كتعطيل الجهمية الذين أنكروا الصفات وغلاتهم ينكرون الأسماء أيضاً =

<<  <   >  >>