للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خامساً: الدهر

ذكرنا أن الدهر ليس من أسماء الله وننقل نص فتوى ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٢/٤٩١) :

سئل شيخ الإسلام رحمه الله: عن قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر فهل هذا موافق لما يقوله الاتحادية: بينوا لنا ذلك؟

فأجاب: -

الحمد لله قوله لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر: مروى بألفاظ أخر كقوله: " يقول الله: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار، وفي لفظ: " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر، يقلب الليل والنهار: " وفي لفظ: " يقول ابن آدم يا خيبة الدهر وأنا الدهر "

فقوله في الحديث " بيدي الأمر أقلب الليل والنهار " يبين أنه ليس المراد به أنا الزمان فإنه قد أخبر أنه يقلب الليل والنهار والزمان هو الليل والنهار: فدل نفس الحديث على أنه هو يقلب الزمان ويصرفه كما دل عليه قوله تعالى: (ألم تر أن الله يزجي سحاباً ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاماً فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار، يقلب الله الليل والنهار، إن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار) وإزجاء السحاب سوقه والودق المطر.

فقد بين سبحانه خلقه للمطر وإنزاله على الأرض فإنه سبب الحياة في الأرض فإنه سبحانه جعل من الماء كل شيء حي، ثم قال: " يقلب الله الليل والنهار " إذ تقليبه الليل والنهار: تحويل أحوال العالم بإنزال المطر، الذي هو سبب خلق النبات والحيوان والمعدن، وذلك سبب تحويل الناس من حال إلى حال، المتضمن رفع قوم وخفض آخرين.

وقد أخبر سبحانه بخلقه الزمان في غير موضع كقوله: (وجعل الظلمات والنور) وقوله: (وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون) وقوله: (وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً) وقوله: (إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل

<<  <   >  >>