للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويكون باعتبار جمعه إلى غيره (١) فيحصل بجمع الاسم إلى الآخر كمال فوق كمال (٢)

مثال ذلك: "العزيز الحكيم" فإن الله تعالى يجمع بينهما في القرآن كثيراً (٣) .

فيكون كل منهما دالاً على الكمال الخاص الذي يقتضيه وهو العزة في العزيز (٤) والحكم والحكمة (٥) في الحكيم والجمع بينهما دال على كمال آخر وهو أن عزته تعالى مقرونة بالحكمة فعزته لا تقتضي ظلماً وجوراً وسوء فعل كما قد يكون من أعزاء المخلوقين (٦) فإن العزيز منهم قد تأخذه العزة


(١) كالمثال الذي ذكره المؤلف وسنذكر في الملحق أمثلة أخرى كثيرة.
⦗١٨⦘_
(٢) أي أن باقتران الاسمين دل على معنى زائد على معناها الأصلي لا يدلان عليه بالاستقلال.
(٣) يقول ابن القيم في مفتاح دار السعادة (٢/٤٨٥) ولهذا كثيراً ما يقرن تعالى بين هذين الاسمين (العزيز الحكيم) في آيات التشريع والتكوين والجزاء ليدل عباده على أن مصدر ذلك كله عن حكمة بالغة وعزة قاهرة ففهم الموفقون عن الله عز وجل مراده وحكمته وانتهوا إلى ما وقفوا عليه ووصلت إليه أفهامهم وعلومهم وردوا علم ما غاب عنهم إلى أحكم الحاكمين ومن هو بكل شيء عليم وتحققوا بما عملوه من حكمته التي بهرت عقولهم إن لله في كل ما خلق وأمر وأثاب وعاقب من الحكم البوالغ ما تقتصر عقولهم عن إدراكه وأنه تعالى هو الغنى الحميد العليم الحكيم فمصدر خلقه وأمره وثوابه وعقابه غناه وحمده وعلمه وحكمته ليس مصدره مشيئة مجردة وقدرة خالية من الحكمة والرحمة والمصلحة والغايات المحمودة المطلوبة له خلقاً وأمراً وأنه سبحانه لا يسأل عما يفعل لكمال حكمته ا. هـ
(٤) اسم العزيز يتضمن صفة العزة.
(٥) فاسم الحكيم يدل على صفة الحكم وصفة الحكمة وبهذا نعلم أن من أسماء الله ما يكون دالاً على عدة صفات ويكون ذلك الاسم متناولاً لجميعها تناول الاسم الدال على الصفة الواحدة لها، ذكره ابن القيم في بدائع الفوائد (١/١٦٨) .
(٦) كالملك مثلاً أو الأمير الذي لا يعارضه أحد لكمال سلطانه وعزته.

<<  <   >  >>