نقيض المشتق والصفة لا تكون إلا مشتقة ولذا لا يقع المصدر عند النحويين وصفاً لغيره لعدم دلالته على الوصفية لتوغله في الجمود فتبين بذلك أن علميتهم تنافي وصفيتهم من هذا الوجه.
الثاني: وهو شرعي عقدي فإن صفات العباد مشتركة بينهم فالأمانة مثلاً لا تختص بفرد من أفراد بنى آدم وهكذا الشجاعة والكرم والصدق فإن هذه الصفات يتماثل فيها أفرادها فما من شخص إلا وله نظير فيما اتصف به وهذا المعنى يضاد العلمية فيهم فإنها مختصة لا تقبل الشركة إذ العلم من شرطه أن يعين مسماه مطلقاً وما لا يتعين فيه لا يكون كذلك فبان بذلك أن علميتهم تنافي وصفيتهم من هذا الوجه.
ومما تقدم يتبين لنا خطأ ابن حزم من الظاهرية وضلال المعتزلة القائلين: بأن أسماء الله أعلام محضة جامدة لا دلالة لها على الوصفية البتة واعلم أن أسماء الله لو لم تدل على الوصفية المختصة به للزم من ذلك عدة أمور: -
١ - أن أسماء الله لو كانت جامدة لا تدل على معنى الوصفية لم تكن حسنى لكنها حسنى فلابد من دلالتها على الوصفية.
٢ - أن من أسماء الله اسمه الأعظم ولو لم يدل على وصف حسن ومعنى كمال لائق بجلال الله وعظمته لم يكن لقيد العظمة فائدة فلم يكن أعظم إذ هو أفضل الأسماء الحسنى وهو منها فتكون دلالته على الوصف أكمل
٣ - قال تعالى:(ولله الأسماء الحسنى)[الأعراف: ١٨٠] فأثنى بها على نفسه وتمدح بها والجامد لا مدح فيه ولا دلالة له على الثناء فلابد وأن تكون دالة على الوصفية.
٤ - يلزم من كونها جامدة عدم تغاير معانيها فمعنى العليم هو معنى السميع مثلاً وهذا أمر يعرف فساده ببداهة العقول إذ لا يعقل عاقل أن معنى الرؤوف هو معنى البصير ولازم القول يدل على فساده وإن لم يدل على لزومه للقائل إذا هو لم يتبين اللازم ٠