للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى في سورة النساء رقم ١٠٢ {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} [النساء: ١٠٢].

قال محمد تقي الدين: إن كان المقاتلون يصلون صلاة السفر، وأمكن أن يقسمهم الإمام قسمين فالأمر واضح إلا في صلاة المغرب، فتصلي الطائفة الأولى مع الإمام ركعتين، ويبقى الإمام جالسا ويصلون لأنفسهم ركعة، ويتوجهون لقتال العدو، فيأت الذين لم يصلوا فيصلون مع الإمام الركعة الثالثة، ويصلون لأنفسهم يتشهدون بعد الثانية ويسلم الإمام ويسلمون معه، ويعودون إلى المعركة، وإن كانت الصلاة رباعية صلى كل فريق مع الإمام على الوجه المتقدم.

وأما دليل الصلاة في أثناء القتال فقوله تعالى في سورة البقرة رقم ٢٣٨ و ٢٣٩ {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (٢٣٨) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٢٣٨، ٢٣٩]، قال ابن كثير في تفسير هذه الآية:

"وقد ذهب الإمام أحمد فيما نص عليه إلى أن صلاة الخوف تفعل في بعض الأحيان ركعة واحدة إذا تلاحم الجيشان، وعلى ذلك ينزل الحديث الذي رواه مسلم والأربعة إلا الترمذي بسند متصل عن ابن عباس، قال: فرض الله الصلاة على لسان نبيكم -صلى الله عليه وسلم- في الحضر أربعا، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة. وبه قال جماعة من الأئمة".

قال محمد تقي الدين: وهذا يدلنا بوضوح الشمس في رابعة النهار على أن من أخّر الصلاة عن وقتها فلا صلاة له، ولو صلى ألف ركعة لم تقبل منه، فيعتبر تاركا للصلاة، وقد تقدم أن ذلك خروج من الملة ولو كان هنالك عذر يبيح تأخير الصلاة عن وقتها ما شرعت صلاة الخوف بنوعيها، فمن ظن أن الله تعالى لا يقبل من المجاهدين أن يؤخروا الصلاة وهم في حالة

<<  <   >  >>