للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلماء على عدم كفر تارك الصلاة، غاية الأمر أن يكون من أحاديث الدرجة السابعة، وأحاديث التكفير من الدرجة الثالثة، فلا تصح المعارضة لبعد ما بين الدرجتين.

الوجه الثاني: أن أحاديث التكفير مع كونها أصح وأعلى، فهي أكثر لأن عددها اثني عشر حديثا.

الوجه الثالث: إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة كما تقدم، وهم أعلم بالكتاب والسنة ممن جاء بعدهم.

الوجه الرابع: أن الأحاديث التي فيها "برئت منه ذمة الله" (١) و "خرج من الملة" (٢) و "هو في جهنم مع فرعون وهامان وقارون وأبيّ بن خلف" (٣)، وهي أكثر وأصح، صريحة في كفره بخلاف هذا الحديث، فإنه ليس فيه أكثر من رد المشيئة إلى الله تعالى (٤)، قد علمنا من تلك الأدلة أن الله لا يشاء أن يغفر له.

الوجه الخامس: أقوال الصحابة ومن بعدهم في عدم صحة قضاء المتروكة عمدا بدون عذر.

الوجه السادس: أن الإمام أحمد بن حنبل الذي روى هذا الحديث من القائلين بكفر تارك الصلاة، وذلك دليل على أنه رجّح أدلة التكفير، أما بقية الأدلة التي احتج بها بعض العلماء على عدم كفر تارك الصلاة فهي عامة، والخاص مقدم على العام عند بعض علماء الأصول.

الوجه السابع: أن الله فرض صلاة الخوف في حال القتال بالكتاب والسنة والإجماع، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا جاء وقت الصلاة أن يجعل الجيشين طائفتين: طائفة تقابل العدو في القتال، وطائفة تصلي معه ركعة، ويبقى هو عليه الصلاة والسلام قائما حتى يصلوا لأنفسهم ركعة أخرى، ويسلموا ويتوجهوا لقتال العدو، ويجئ الذين لم يصلوا - أعني الذين كانوا مواجهين للعدو - فيصلوا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- الركعة الثانية، ويبقى هو عليه الصلاة والسلام جالسا يذكر الله حتى يتمّوا لأنفسهم ركعة، ثم يسلم ويسلمون، ويلتحقون بإخوانهم لمواجهة العدو، هذا إذا كان في الإمكان أن يقسمهم الإمام إلى طائفتين، فإن لم يمكن ذلك لكثرة عدد العدو، وقلة عدد المسلمين وجب عليهم أن يصلوا على كل حال واقفين وماشين وراكبين، وهم يقاتلون مستقبلين القبلة أو مستدبرين، ودليل الحالة الأولى من كتاب الله، قوله


(١) حديث حسن - تقدّم الكلام عليه انظر الحاشية رقم (٢٣) و (٢٤).
(٢) إسناده ضعيف - وقد تقدّم الكلام عليه انظر الحاشية رقم (٢٢).
(٣) إسناده حسن - وقد تقدّم الكلام عليه انظر الحاشية رقم (٢١).
(٤) انظر ما تمّ تحريره في الحاشية (٤٨).

<<  <   >  >>