للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والدعاء وغير ذلك، فهذا يجزئ متى أدي، والمسارعة إليه أفضل، لقول الله عز وجل: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها} [آل عمران: ١٣٣].

وإما أمر معلق بوقت محدود الأول غير محدود الآخر كالزكاة ونحوها، فهذا لا يجزئ قبل وقته، ولا يسقط بعد وجوبه أبدا، لأنه لا آخر لوقته، والمبادرة إليه أفضل، لما ذكرنا.

وإما أمر معلق بوقت محدود أوله وآخره فهذا لا يجزئ قبل وقته ولا بعد وقته، ويجزئ في جميع وقته، في أوله وآخره وأوسطه كالصلاة والحج وصوم رمضان، ونحو ذلك.

ونقول لمن خالفنا: قد وافقتمونا على أن الحج لا يجزئ في غير وقته، وأن الصوم لا يجزئ في غير النهار، فمن أين أجزتم ذلك في الصلاة؟ وكل ذلك ذو وقت محدود أوله وآخره؟ وهذا ما لا انفكاك منه.

فإن قالوا قسنا العامد على الناسي.

قلنا القياس كله باطل، ثم لو كان القياس حقا لكان هذا منه عين الباطل، لأن القياس عند القائلين به إنما هو قياس الشيء على نظيره، لا على ضده، وهذا ما لا خلاف فيه بين أحد من أهل القياس، وقد وافقهم من لا يقول بالقياس، على أنه لا يجوز قياس الشيء على ضده، فصار إجماعا متيقنا وباطلا لا شك فيه.

والعمد ضد النسيان، والمعصية ضد الطاعة، بل قياس ذلك على ما ذكرنا من الحج أولى، لو كان القياس حقا، لا سيما والحنفيون والمالكيون لا يقيسون الحالف عامدا للكذب على الحالف، فيحنث غير عامد للكذب في وجوب الكفارة، بل يسقطون الكفارة عن العامد، ويوجبونها على غير العامد، ولا يقيسون قاتل العمد على قاتل الخطأ في وجوب الكفارة عليه، بل يسقطونها عن قاتل العمد، ولا يرون قضاء الصلاة على المرتد، فهذا تناقض لا خفاء به، وتحكم بالدعوى وبالله تعالى التوفيق.

ولو كان القضاء واجبا على العامد، لترك الصلاة حتى يخرج وقتها لما أغفل الله تعالى ولا رسوله -صلى الله عليه وسلم-

<<  <   >  >>