للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم قال [وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ... كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ] (١) فألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيفة من يده، ثم دعانا فأتيناه وهو يقول: [سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ... كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ]، فكنا نقعد معه، فإذا أراد أن يقوم قام وتركنا، فأنزل الله تعالى: [وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا] قال: "فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقعد معنا بعد، فإذا بلغ الساعة التي يقوم فيها، قمنا وتركناه حتى يقوم" (٢).

قال الحافظ ابن كثير: "هذا حديث غريب فإن هذه الآية مكية والأقرع بن حابس وعيينة إنما أسلما بعد الهجرة بدهر" (٣).

قال الشيخ أحمد شاكر بعد إيراده لكلام الحافظ ابن كثير الآنف. وهذا هو الحق إن شاء الله (٤).

قال أبو سعيد الملائي: " .. لكن اتفق العلماء على أن هذه السورة مكية، وإنما كان مجيء عيينة بن حصن والأقرع بن حابس والمؤلفة قلوبهم إلى النبي الله صلى الله عليه وسلم وخطابهم له بالمدينة هذا ما لا ريب فيه، فالظاهر والله أعلم أن هذه الآيات نزلت في عظماء المشركين من أهل مكة الذين عابوا النبي صلى الله عليه وسلم ملازمة الفقراء المؤمنين له كصهيب وبلال رضي الله عنهم، وقالوا له اطرد هؤلاء عنك حتى نأتيك لا في عيينه والأقرع، أو تكون هذه الآيات مدنية، والأول أقرب وأصح لا تفاقهم على كون السورة مكية .. " (٥).


(١) ((الأنعام (٥٤).
(٢) تفسير الطبري (١١/ ٣٧٦، ٣٧٧).
(٣) تفسير الحافظ ابن كثير (٣/ ٢٦٠).
(٤) تفسير الطبري (١١/ ٣٧٧).
(٥) جزء في تفسير الباقيات الصالحات (١/ ١٧).

<<  <   >  >>