للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- قال ابن عاشور -رحمه الله- في قوله: [الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (٤٦)] (١): "صفتان جرتا على موصوف محذوف، أي الأعمال الصالحات الباقيات التي لا زوال لها أي لا زوال لخيرها وهو ثوابها الخالد فهي خير من زينة الحياة الدنيا التي هي غير باقية .. " (٢).

قال الشوكاني -رحمه الله- في قوله تعالى: [خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا]: "أي أفضل من هذه الزينة بالمال والبنين ثواباً وأكثر عائدة ومنفعة لأهلها." وخير أملا " أي أفضل أملاً: أي أن هذه الأعمال الصالحة لأهلها من الأمل أفضل مما يؤمله أهل المال والبنين لأنهم ينالون بها في الآخرة أفضل مما كان يؤمله هؤلاء الأغنياء في الدنيا ... " (٣).

قال ابن عاشور -رحمه الله-: "ومعنى (وخير أملاً) أن أمل الآمل في المال والبنين إنما يأمل حصول أمر مشكوك في حصوله ومقصور على مدته. وأما الآمل لثواب الأعمال الصالحة فهو يأمل حصول أمر موعود به من صادق الوعد .. " (٤).

[ب- اللطائف القرآنية في الآية]

[اللطيفة الأولى]

قال ابن عاشور: "كان مقتضى الظاهر في ترتيب الوصفين أن يقد م الصالحات على والباقيات لأنهما وإن كانا وصفين لموصوف محذوف إلا أن أعرفهما في وصفيه ذلك المحذوف هو الصالحات، لأنه قد شاع أن يقال الأعمال الصالحات ولا يقال الأعمال الباقيات .. ولكن خولف مقتضى الظاهر هنا فقدم الباقيات للتنبيه على أن ما ذكر قبله إنما كان مفصولاً لأنه ليس بباق وهو المال والبنون كقوله تعالى: [وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ] (٥) فكان هذا التقديم قاضياً لحق الإيجاز لإغنائه عن كلام محذوف تقديره أن ذلك زائل أو ما هو بباق والباقيات من الصالحات خير منه .. " (٦).


(١) ((الكهف (٤٦).
(٢) التحرير والتنوير (١٥/ ٣٣٢).
(٣) فتح القدير (٣/ ٤١٤)
(٤) التحرير والتنوير (١٥/ ٣٣٤).
(٥) الرعد (٢٦).
(٦) التحرير والتنوير (١٥/ ٣٣٣).

<<  <   >  >>