له، وهو منزه عن ذلك: وأما تنزيههم لله عن حلول الحوادث، فمرادهم بذلك أنه لا يتكلم بقدرته ومشيئته، ولا ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا، ولا يَأتِي يوم القيامة، ولا يحب، ولا يريد شيئا بعد أن لم مريدا له، فلا يقول كن حقيقة، ولا استوى على عرشه بعد أن لم يكن مستويا، ولا يغضب يوم القيامة غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده، مثله، ولا ينادي عباده يوم القيامة بعد أن لم يكن مناديا لهم، ولا يقول للمصلى إذا قال:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} حمدني عبدي فإن هذه كلها حوادث، وهو منزه عن حلول الحوادث ونحن لا ننفي أوصاف الرب ونعوت جلاله، لأجل تسميتهم لها بهذه الأسماء، كما أننا لا ننسب الصحابة لأجل تسمية الروافض لمن يحبهم ويواليهم، نواصب- ولا ننفي قدر الرب ونكذب به لأجل تسمية القدرية لمن أثبته جبريا، ولا نرد ما أخبر به الصادق عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله لتسمية النفاة لنا حشوية ولا نجحد صفات خالقنا وعلوه على خلقه واستواءه على العرش، لتسمية الفرعونية المعطلة لمن أثبت ذلك مجسما مشبها.
فإن كان تجسيما ثبوت استوائه ... على عرشه إني ذاً لمجسم
وإن كان تشبيها ثبوت صفاته ... فمن ذلك التشبيه لا أتكتم
وإن كان تنزيها جحود استوائه ... وأوصافه أو كونه يتكلم
فعن ذلك التنزيه نزهت ربنا ... بتوفيقه والله أعلى وأعظم
قال ابن القيم رحمة الله تعالى عليه، بعد إنشاده هذه الأبيات ورحمة الله على الشافعي حيث فتح للناس هذا الباب بقوله:
يا راكبا قف بالمحصب من منى ... واهتف بقاعد خيفها والناهض
إن كان رفضا حب آل محمد ... فليشهد الثقلان أني رافضي
وهذا كله مأخوذ من قول الشاعر الأول:
وعيرني الواشون أني أحبها ... وذلك ذنب لست منه أتوب