ش: يعني يقال للنفات: تسميتكم إثبات أسماء الله وصفاته: تشبيها وتجسيما وتلقيبكم من يثبت ذلك بالمشبه والمجسم لا يغير من الواقع شيئا ولا يغير من وجهة أهل البصيرة والمعرفة بالله: فالتوحيد لا يكون شركا، ووصف الله بأوصاف الكمال ونعوت الجلال لا يكون تشبيها، وإنما التشبيه هو ما يقوله "النفاة المعطلة" الذين سموا تعطيلهم وإلحادهم ونفيهم توحيداً، وهو غاية النقص فقد قلبوا الحقائق، ونفوا حقائق أسمائه وصفاته تحت ستار ألفاظ، يسمعها الغر المخدوع، فيظنها تنزيها لله عن النقائص والعيوب، وأنهم يعظمون الله ويمجدونه، ويكشف الناقد البصير ما تحت هذه الألفاظ، فيرى تحتها الإلحاد، وتكذيب الرسل، وتعطيل الرب، سبحانه وتعالى عما يستحقه من كمال ومن هذه الألفاظ قولهم نحن ننزه الله عن الإعراض، والأغراض، والأبعاض، وننزهه عن الحدود والجهات، وعن حلول الحوادث، وتنزيهم لله عن الإعراض، هو جحد صفاته-كسمعه وبصره وحياته وعلمه وكلامه وإرادته- فإن هذه أعراض على زعمهم لا تقوم إلا بجسم فلو كان متصفا بها لكان جسما، وكانت إعراضاً له، وهو منزه عن الإعراض وأما الأغراض فهي الغاية والحكمة، التي لأجلها يخلق، ويأمر، وينهى، ويثبت، ويعاقب، وهي الغايات المحمودة المطلوبة له من أمره، ونهيه، وفعله، فيسمونها أغراضا وعللا ينزهونه عنها وأما تنزيهم لله عن الأبعاض فمرادهم أنه ليس له وجه ولا يدان، ولا يمسك السموات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء على إصبع، فإن ذلك كله ابعاض، والله منزه عن الابعاض، وأما الحدود والجهات فمرادهم بتنزيهه عنها أنه ليس فوق السموات رب، ولا على العرش اله، ولا يشار إليه بالأصابع إلى فوق كما أشار إليه أعلم الخلق به، ولا ينزل منه شيء ولا يصعد إليه شيء، ولا تعرج الملائكة والروح إليه، ولا رفع المسيح إليه، ولا عرج برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم إليه، إذا لو كان كذلك للزم إثبات الحدود والجهات