هذا الجواب، صحيح ومقنع، ومفحم للخصم، ولفظ ذات تأنيث ذو: وذلك لا يستعمل إلا فيما كان مضافا إلى غيره فيقال: فلان ذو علم وقدرة، ونفس ذات علم وقدرة، وحيث جاء في القرآن، أو لغة العرب لفظ ذو، ولفظ ذات لم يجيء إلا مقرونا بالإضافة، كقوله:{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} وقوله: {عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} وقول خبيب حين قدمه كفار قريش للقتل:
ولست أبالي حين أقتل مسلما ... على أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزع
لكن لما صار النظار يتكلمون في هذا الباب قالوا: إنه يقال أنها ذات علم وقدرة ثم أنهم قطعوا هذا اللفظ عن الإضافة وعرفوه فقالوا: الذات، فليست الذات من العربية العرباء بل هي لفظ مولد وربيعة هو أبو عثمان ربيعة بن أبي عبد الرحمن فروخ مولى آل المنكدر التيميين المعروف بربيعة الرأي، فقيه أهل المدينة أدرك جماعة من الصحابة، وعنه أخذ مالك بن أنس وغيره، وهنا قصة طريفة له مع مالك قال بكر بن عبد الله الصنعاني: أتينا مالك بن أنس فجعل يحدثنا عن ربيعة الرأي، وكنا نستزيده من حديث ربيعة، فقال لنا ذات يوم: ما تصنعون بربيعة وهو نائم في ذلك الطاق، فأتينا ربيعة فأنبهناه وقلنا له أنت ربيعة؟ قال نعم، فقلنا كيف حظي بك مالك وأنت لم تحظ بنفسك؟ قال: أما أن مثقالا من دولة، خير من حمل بعير من علم، توفي ربيعة سنة ست وثلاثين ومائة، ومالك هو الإمام أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك الأصبحي المدني، إمام دار الهجرة، وأحد الأئمة الأعلام، سمع عن الزهري ونافع مولى بن عمر رضي الله عنهما وأخذ العلم عن ربيعة الرأي.
وروى عنه الأوزاعي ويحيى بن سعيد، ولد مالك في سنة خمس