للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معناه أن الإيمان باستواء الله على عرشه على الوجه اللائق به لأن الله أخبر به عن نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله، فوجب تصديقه، وقوله: والسؤال عن الكيفية بدعة، بين المؤلف وجه كونه بدعة، بأنه سؤال عما لا يعلمه البشر ولا يمكنهم الإجابة عنه، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فالسؤال عن كيفية الصفات لم يكن معهوداً على ألسنة الصحابة وأئمة السنة وسلف الأمة، بل هو من ديدن أهل البدع، ولهذا قال الإمام مالك للسائل" وما أراك إلا رجل سوء" ثم أمر به فأخرج عن مجلسه، وهكذا سائر الأئمة قولهم يوافق قول مالك في أنا لا نعلم كيفية استوائه كما لا نعلم كيفية ذاته ولكن نعلم المعنى الذي دل عليه الخطاب، فنعلم معنى الاستواء ولا نعلم كيفيته وهكذا سائر الصفات، ففرق مالك رحمه الله بين المعنى والمعلوم من هذه اللفظة، وبين الكيف الذي لا يعقله البشر، وجواب مالك رحمه الله تعالى وغيره جواب كاف شاف في جميع مسائل الصفات فإذا سئل إنسان عن المجيء، أو النزول، أو السمع، أو البصر، أو غير ذلك أجيب بجواب مالك رحمه الله، فيقال مثلا: المجيء معلوم والكيف مجهول، وكذلك من سأل عن كيفية الغضب، أو الرضى، أو الضحك وغير ذلك فمعانيها كلها مفهومة.

وأما كيفيتها فغير معقولة إذ تعقل كيفية الصفات فرع العلم بكيفية الذات، وقوله وكذلك إذا قال كيف ينزل ربنا إلى سماء الدنيا؟ قيل له كيف هو؟ فإذا قال: لا اعلم كيفيته قيل له ونحن لا نعلم كيفية نزوله، إذ العلم بكيفية الصفة يستلزم العلم بكيفية الموصوف، يعني هذا جواب آخر يجاب به من سأل عن كيفية نزول الله إلى سماء الدنيا، أو استوائه على عرشه، أو غضبه، أو محبته ونحو ذلك، فعندما يسأل عن كيفية الصفة، يقال له كيف لنا ذات الله؟ فإذا قال لا يعلم كيفية الله إلا هو سبحانه، قيل له وهكذا صفاته، لا يعلم كيفيتها إلا هو، فالعلم بكيفية الصفة فرع العلم بكيفية الذات، وكل من هذا الجواب، وجواب مالك ومن ورد عنه

<<  <  ج: ص:  >  >>