ذلك الجسم ساريا في هذه الأعضاء، وإفادتها هذه الآثار من الحس والحركة الإرادية وإذا أراد الله موت هذا المخلوق الحي انفصلت عنه الروح، فهي إذاً ذات قائمة بنفسها تصعد وتنزل وتتصل وتنفصل، وتخرج وتذهب، وتحبيء وتتحرك وتسكن، وقد ذكر ابن القيم على هذا القول أكثر من مائة دليل.
قوله:
ومنهم طوائف من أهل الفلسفة يصفونها بما يصفون به واجب الوجود، وهي أمور لا يتصف بها إلا ممتنع الوجود، فيقولون: لا هي داخل البدن ولا خارجه، ولا مباينة له ولا مداخلة، ولا متحركة ولا ساكنة، ولا تصعد ولا تهبط، ولا هي جسم ولا عرض وقد يقولون: أنها لا تدرك الأمور المعينة والحقائق الموجودة في الخارج وإنما تدرك الأمور الكلية المطلقة وقد يقولون: أنها لا داخل العالم ولا خارجه، ولا مباينة له ولا مدخلة، وربما قالوا ليست داخلة في أجسام العالم ولا خارجة عنها، مع تفسيرهم للجسم بما لا يقبل الإشارة الحسية، فيصفونها بأنها لا يمكن الإشارة إليها، ونحو ذلك من الصفات السلبية، التي تلحقها بالمعدوم والممتنع.
ش: يعني ومن جملة الناس المضطربين في حقيقة الروح طوائف من الفلاسفة وقد ذكر المؤلف أنهم يصفون الروح بما يصفون به واجب الوجود، فكما يقولون عن الله سبحانه أنه لا جسم ولا عرض، ولا هو داخل العالم ولا خارجه، كذلك: يصفون الروح بهذه الصفات السلبية، التي تجعل وجود الموصوف بها لا حقيقة له عند التحصيل، وإنما يرجع إلى وجود في الأذهان، يمتنع تحققه في الأعيان، وقد ذكر المؤلف: أمثلة لسلبهم النقيضين عن الروح فقال: "كقولهم لا هي داخل البدن ولا خارجه، ولامباينة له ولا مداخلة".