فيقال لهم علم الخلق بامتناع الخلو من هذين النقيضين: هو علم مطلق لا يستثنى منه موجود، والتحيز المذكور: أن أريد به كون الاحياز الموجودة تحيط به فهذا هو الداخل في العالم، وإن أريد به أنه منحاز عن المخلوقات، أي مباين لها متميز عنها فهذا هو الخروج، فالمتحيز يراد به تارة ما هو داخل العالم، وتارة ما هو خارج العالم، فإذا قيل ليس بمتحيز كان معناه ليس بداخل العالم ولا خرجه، فهم غيروا العبارة ليوهموا من لا يفهم حقيقة قولهم أن هذا معنى آخر وهو المعنى الذي علم فساده بضرورة العقل، كما فعل أولئك بقولهم: ليس بحي ولا ميت، ولا موجود ولا معدوم، ولا عالم ولا جاهل.
ش: هذا مشروع في بيان الجواب على المقالة السابقة واعتذار أصحابها فإنه يقال لهم: قولكم "لا داخل العالم ولا خارجه" سلب للنقيضين والنقيضان لا يمكن الخلو منهما، بل ذلك ممتنع وامتناع الخلو من التقيضين عام لا يستثنى منه أي شيء والخلق جميعا يعلمون أن النقيضين كما لا يمكن اجتماعهما في أن واحد كذلك لا يمكن ارتفاعهما فقولكم "لا داخل ولا خارج العالم" ممتنع لأن كل موجود فهو أما أن يكون مخالطاً للعالم، ممتزجا به، وأما أن يكون منفصلا عن العالم مباينا له وقولكم "قبول الدخول والخروج" إنما يكون من المتحيز والله ليس بمتحيز "فإذا انتفى التحيز انتفى قبول هذين النقيضين" يقال لكم قولكم ليس بمتحيز هو معنى قولكم لا داخل العالم ولا خارجه، ولكن غيرتم العبارة مغالطة لتوهموا من لا يدرك معنى كلامكم أنكم أتيتم بمعنى جديد، وهو نفس كلامكم الذي رد عليكم بأنه أمر ممتنع في ضرورة العقل: وبيان هذا أنهم أن أرادوا بالتحيز أن الاحياز الموجودة كالسموات والعرش تحيط به فهذا هو الداخل في العالم، وأن أرادوا به أنه منحاز المخلوقات، أي مباين لها متحيز عنها، فهذا هو