للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك لفظ التحيز: أن أراد به أن الله تحوزه المخلوقات فالله أعظم وأكبر بل قد وسع كرسيه السماوات والأرض، وقد قال الله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّمَاواتُ مَطْوِياتٌ بِيَمِينِهِ} وقد ثبت في الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"يقبض الله الأرض ويطوي السماوات بيمينه" ثم يقول: "أن الملك أين ملوك الأرض؟ " وفي حديث آخر: "وأنه ليدحوها كما يدحوا الصبيان بالكرة" وفي حديث بن عباس: "ما السماوات السبع والأرضون السبع وما فيهن في يد الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم".

وأن أراد به أنه منحاز عن المخلوقات، أي مباين لها منفصل عنها ليس حالا فيها: فهو سبحانه كما قال أئمة السنة: فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه".

ش: بعد أن بين المؤلف أن الجهة قد يراد بها أمر وجودي وقد يراد بها أمر عدمي، شرع في بيان كيفية استفسار النافي للجهة والمثبت لها.

وخلاصة مناقشة النافي أن يقال له: أن كان مرادك بالجهة أمراً وجوديا كالعرش أو السماوات فنفيك صحيح؟ فمن المعلوم شرعا وعقلا أن الله ليس حالا في شيء من مخلوقاته. وإن كان مرادك بالجهة أمراً عدمياً وهو ما وراء العالم فنفيك باطل، فإنك إذا قلت: الباري ليس في جهة كان حقيقة قولك: أن الباري لا يكون موجوداً قائماً بنفسه وهذا باطل حيث لا موجود فوق العرش إلا هو سبحانه. فإن من المعلوم بالضرورة أن الله فوق سمواته على عرشه.

وخلاصة مناقشة المثبت أن يقال له: أن كان مرادك بالجهة أمراً عديماً وهو ما وراء العالم فلا ريب أن الله فوق مخلوقاته عال على عرشه، وإن كان مرادك بالجهة أمرا وجوديا كالعرش أو السموات فإثباتك باطل،

<<  <  ج: ص:  >  >>