للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: يقول المؤلف مما هو نظير المقالة السابقة، وهي أن ظاهر النصوص معنى فاسد وأنها محتاجة هذه المقالة دعوى من قال: أن آية "ص" مثل آية "يس" والواقع أنهما غير متماثلين فإنه في آية "ص" أضعاف الفعل إليه وبين أنه خلقه بيده، وفي آية "يس" أضاف الفعل إلى أيدي وفي آية "ص" ذكر اليدين بصيغة التثنية أما في آية "يس" فقد ذكرهما بصيغة الجمع، ومن لغة العرف أنهم يستعملون اسم الجمع موضع التثنية إذا أمن اللبس، كقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} أي يديهما وقوله: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} أي قلباكما فكذلك قوله: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} ونفس هذا التركيب المذكور في قوله: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} يأبى حمل الكلام على القدرة لأنه نسب الخلق إلى نفسه سبحانه، ثم عدى الفعل إلى اليد ثم ثناها، ثم أدخل عليها الباء التي تدخل على قولك كتبت بالقلم ومثل هذا النص صريح لا يحتمل المجاز بوجه، بخلاف قوله سبحانه: "بما كسبت أيديكم" {بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ} فإنه نسب الفعل إلى اليد ابتداء وخصها بالذكر لأنها آلة الفعل في الغالب فهكذا في آية "يس" لما لم يكن خلق الأنعام مساويا لخلق أبي الأنام قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً} فأضاف الفعل إلى أيدي وجمعها ولم يدخل عليها الباء فهذه ثلاثة فروق تبطل إلحاق أحد الموضعين بالآخر وليست آية "ص" مثل آية "يس" سناد الفعل ومن حيث تعدي الفعل بالباء وحتى لو كانت آية "ص" "ما منعك أن تسجد لما خلقت" بدون ذكر اليدين لم تكن مثل آية "يس" لاختلافهما من حيث إسناد الفعل فكيف إذا قال "خلقت بيدي بصيغة التثنية وإسناد إليه وتعديته بالباء.

وقوله: فصار شبيهاً بقوله: بما كسبت أيديهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>