للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني من حيث إسناد الفعل إلى الأيدي ولو لم تباشره، وقوله: كما في قوله: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} يعني من حيث لفظ التثنية، وقوله فصار كقوله: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} وهذا في الجمع نظير قوله: {بِيَدِهِ الْمُلْكُ} "وبيده الخير" في المفرد يعني من حيث المثنى حيث أضيف إلى صيغة الجمع وآية "يس" مثل قوله سبحانه {بِيَدِهِ الْمُلْكُ} "وبيده الخير" من حيث عدم إرادة مباشرة اليد: إلا أن آية "يس" بصيغة الجمع "بيده الملك وبيده الخير" بصيغة الإفراد، وقوله: "فالله سبحانه وتعالى يذكر نفسه تارة بصيغة الفرد مظهراً أو مضمراً" يعني كقوله: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} وقوله سبحانه: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاواتِ وَالْأَرْضَ} وقوله: "وتارة بصيغة الجمع" كقوله: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً} وأمثال ذلك.

يعني وتارة يذكر نفسه بالصيغة الموضوعة للجمع والتعظيم _ معظما نفسه ومشيراً إلى ما له من كثرة الأسماء وتعدد الصفات_ وذلك كما في آية الفتح وكما في قوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ} ونحو ذلك وقوله: ولا يذكر نفسه بصيغة التثنية قط لأن صيغة الجمع تقتضي التعظيم الذي يستحقه وربما تدل على معاني أسمائه.

وأما صيغة التثنية فتدل على العدد المحصور وهو مقدس عن ذلك: يعني هذا وجه كونه سبحانه لم يذكر نفسه بصيغة التثنية وإنما ذكرها بصيغة الإفراد والجمع فإن التثنية لا تفيد المعنى الذي تفيده صيغة الجمع والإفراد من الدلالة على العظمة والجلال وكثرة الأسماء والنعوت، والدلالة على الوحدانية والاستقلال، وإنما تفيد حصر عظمته أو وجود شريك له تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

والقول بأن آية "ص" مثل آية "يس" مشهور عن بشر بن غياث المريسي وأمثاله من نفات الصفات والقول بأن الآيتين سواء يريدون به أن كلا منهما لا تدل على مباشرة الخلق باليدين ليتوصلوا بذلك إلى نفي

<<  <  ج: ص:  >  >>