للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضاً لازمة في القعود والاستقرار وليس الله سبحانه بهذا المعنى مستوليا ولا قاعداً ولا مستقراً ولا مرتفعا فإن الحاجة غير لازمة بالنسبة إلى الحي القيوم الغني بذاته عم سواه، بل هو ممتنع غاية الامتناع لأن الحاجة تنافي كمال الغنى. فهم يقولون: إذا قلتم أن معنى استواء الله على عرشه علوه عليه لزم من ذلك أن يكون الله محتاجاً إلى العرش. فيقال لهم وإذا قلتم أن معنى استوائه على العرش وغلبته. لزم من ذلك أن يكون الله مغالباً على عرشه وأنه كان خارجاً عن ملكه ثم استولى عليه. وإن قالوا استيلاؤه على عرشه هو على ما يليق به ولا يلزم منه محذور. قيل لهم: وصعوده وارتفاعه على عرشه هو على ما يليق به، ولا يلزم منه محذور وحينئذ فإثباتكم للاستيلاء ونفيكم للعلو والارتفاع تعسف ومغالطة. وعلم أنه لم يثبت استعمال لفظ استوى في اللغة بمعنى استولى. وإنما عمدة الذين قالوا ذلك البيت المشهور:

ثم استوى بشر على العراق ... من غير سيف أو دم مهراق

ولم يثبت بنقل صحيح أنه شعر عربي. وكان غير واحد من أئمة اللغة قد أنكروه وقالوا أنه بيت مصنوع لا يعرف اللغة. وقد علم أنه لو احتج بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لاحتاج إلى إثبات صحته فكيف ببيت من الشعر لا يعرف اسناده؟ وقد طعن فيه أئمة اللغة. وذكر عن الخليل كما عند أبي المظفر في كتابه "الإفصاح" قال: سئل الخليل هل وجدت في اللغة استوى بمعنى استولى؟ فقال: هذا مالا تعرفه العرب ولا هو جائز في لغتها. وهو أمام في اللغة على ما عرف من حاله، فحينئذ حمله على ما لا يعرف حمل باطل، وأيضاً فأهل اللغة قالوا: لا يكون استوى بمعنى استولى إلا فيما كان مغالباً فإذا غلب أحدهما صاحبه قيل استولى" والله لم ينازعه أحد في العرش. قال الإمام محيي السنة الحسين بن مسعود البغوي قدس الله روحه في تفسيره "وهو شجى في حلوق الجهمية والمعطلة"

<<  <  ج: ص:  >  >>