السموات، بل ولا الجنة. فقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس، فإنه أعلى الجنة، وأوسط الجنة، وسقفها عرش الرحمن" فهذه الجنة سقفها الذي هو العرش فوق الأفلاك. مع أن كون الجنة في السماء يراد به العلو، سواء كان فوق الأفلاك أو تحتها. قال تعالى:{فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ} . وقال تعالى:{وَأنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً} .
ش: بعد أن فرغ المؤلف من دحض شبه نفاة استواء الله على عرشه، وبيان فساد توهمهم، شرع في بيان فساد توهم نفاة علو الله على مخلوقته. فذكر أن قوله "جل وعلا"} أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} لا يدل على معنى فاسد، وأن من توهم من كون الله في السناء أنه في جوف السماء وأن السموات تحصره وتحويه فهو جاهل ضال_ باتفاق المسلمين_ فلم يقله أحد من سلف الأمة وأئمتها، بل هم متفقون على أن الله فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه، ليس في مخلوقاته شيء من ذاته ولا في ذاته شيء من مخلوقاته. قال مالك بن أنس:"أن الله فوق السماء وعلمه في كل مكان" إلى أن قال: "من أعتقد أن الله في جوف السماء محصور محاط به وأنه مفتقر إلى العرش أو غيره من المخلوقات وأن استواءه على عرشه كاستواء المخلوق على كرسيه فهو ضال مبتدع جاهل" فمن لم يعتقد ما جاء به الكتاب والسنة، واتفق عليه سلف الأمة وأئمتها، من أن الله فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه فقد اخطأ، وكذب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم واتبع غير سبيل المؤمنين، بل يكون في الحقيقة معطلاً لربه، نافياً له، فلا يكون له في الحقيقة إله يعبده، ولا رب يسأله ويقصده، وهذا قول الجهمية ونحوهم من أتباع فرعون المعطل، فليس مقتضى الآية الكريمة أن الرب سبحانه وتعالى داخل الأجرام السماوية. وأن كان قولك الشمس في السماء أو المر في السماء يقتضي الظرفية فإن حرف "في" معناه بحسب ما قبله وما