للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعده. فقد يقتضي ظرفية ما بعده لما قبله وقد لا يقتضي ذلك، ومن أجل هذا يفرق بين كون الشيء في المكان، وكون الجسم في الحيز، وكون العرض في الجسم، وكون الوجه في المرآة، وكون الكلام في الورق فالأول يقتضي ظرفية المكان للشيء وأن كان ذلك الشيء لا يشغل عموم المكان، بينما قولك "الجسم في الحيز" يقتضي ظرفية الحيز للجسم مع شغل الجسم لكل ذلك المقدار من المكان، وكون العرض في الجسم يقتضي الاتصال والظرفية، بينما قولك الوجه في المرآة، وكذلك قولك الكلام في الورق لا يقتضي الظرفية، وإنما المداد بشكله المعين، كما أن الذي يشاهد في المرآة هو الصورة، إذن فلكل نوع من هذه الأنواع خاصية يتميز بها عن غيره. ثم ضرب المؤلف مثلا كونه لا يلزم من كون الله في السماء أن يكون مظروفا لها. فذكر أن النصوص قد صرحت بأن العرش هو سقف جميع المخلوقات، كما دلت النصوص على أن الجنة ليست داخل الأجرام السماوية، وإذا لم تلزم الظرفية من كون المخلوق في السماء فكيف يلزم ذلك في العلي الأعلى؟ وقول المؤلف: مع أن كون الجنة في السماء، يراد به العلو سواء كانت فوق الأفلاك أو تحتها، يشير إلى أن القول بأن الجنة في داخل الأجرام السماوية لا يترتب عليه محذور، والحديث الذي استشهد به المؤلف وأمثاله من النصوص يدل على أنها فوق الأفلاك.

وقد روى هذا الحديث البخاري ومسلم ولفظه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من آمن بالله ورسوله وأقام الصلاة وصام رمضان فعن حقا على الله أن يدخله الجنة جاهد في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها "قالوا: يا رسول الله، ننبئ الناس بذلك؟ قال: " أن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة، وفوق عرش الرحمن منه يتفجر أنهار الجنة".

وأخرج الترمذي والحاكم والبيهقي عن عبادة بن الصامت رضي الله

<<  <  ج: ص:  >  >>