البحر لاشك عندي في توحده ... وأن تعدد بالأمواج والزبد
فلا يغرنك ما شاهدت من صور ... فالواحد الرب سار العين في العدد
وقال ابن عربي الحاتمي شيخ الصوفية الناطق بلسانهم:
العبد رب والرب عبد ... يا ليت شعري من المكلف
إن قلت عبد فذاك رب ... أو قلت رب أنى يكلف
على أن ابن عربي متناقض مضطرب في مسألة الاتحاد، فالله أعلم بما مات عليه، وبالجملة فهؤلاء أكفر من اليهود والنصارى من جهة أن أولئك قالوا أن الرب يتحد بعبده الذي قربه واصطفاه بعد أن لم يكون متحدين. وهؤلاء يقولون مازال الرب هو العبد وغيره من المخلوقات ليس هو غيره.
ومن جهة أن أولئك خصوا ذلك بمن عظموه كالمسيح، وهؤلاء جعلوه ساريا في الكلاب والخنازير والأقذار والأوساخ، وإذا كان الله تعالى قد قال:{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} الآية. فكيف بمن قال أن الله هو الكفار والمنافقون والصبيان والمجانين والأنجاس وكل شيء؟ وإذا كان الله قد رد قول اليهود والنصارى لما قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه. وقال لهم:{قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أنتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ} الآية.
فكيف بمن يزعم أن اليهود والنصارى ما هم إلا عين وجود الرب الخالق؟ ليسوا غيره ولا سواه، ولا يتصور، أن يعذب إلا نفسه، وأن كل ناطق في الكون: فهو عين السامع. والواحد بالعين هو الذي لا يقبل التنويع والتقسيم، بل هو شيء واحد والواحد بالنوع هو الذي يقبل التنويع والتقسيم، فهو جنس تندرج تحته أنواع عديدة. واعلم أن الحلول نوعان كما أن الاتحاد نوعان. فهذه أربعة أقسام: