ش: ومن آجل أن معاني صفات الله معلومة ومراده بكلامه مفهوم، أنكر الإمام أحمد بن حنبل وعثمان الدار مي وابن خزيمة وأمثالهم من أئمة السنة وسلف الأمة أنكروا على الجهمية وأشباههم من الزنادقة، والمعتزلة تحريفهم لكلام الله عن مواضعه، وتأويلهم ما تشابه عليهم من كلام الله على غير تأويله، وقد صنف الإمام أحمد كتابا في الرد على هؤلاء وسماه الرد على الزنادقة والجهمية فيما شكت فيه من متشابه القرآن وتأولته على مني تأويله، فعاب أحمد عليهم أنهم يفسرون القرآن بغير معناه.
ولم يقل أحمد ولا احد من الأئمة أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يعرف معاني آيات الصفات وأحاديثها، ولا قالوا أن الصحابة والتابعين لهم بإحسان لم يعرفوا تفسير القرآن ومعانيه. كيف، وقد أمر الله بتدبر كتابه فقال تعالى:{كِتابٌ أنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياته} ولم يقل بعض آياته. وقال:{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ القرآن} وقال: {فَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ} .
وأمثال ذلك من النصوص التي تبين أن الله يحب أن يتدبر الناس القرآن كله، وأنه جعله نورا وهدى لعباده، ومحال أن يكون ذلك مما لا يفهم معناه. وهذا الكتاب مما ألفه الإمام أحمد بن حبل في حبسه، وقد ذكره عنه الحلال في كتاب السنة والقاضي أبو يعلى، وأبو الفضل التيمي، وأبو الوفاء بن عقيل وغير واحد من أصحابه، وقد قال في أوله: "الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من تائه ضال قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم! ! ينفون عن كتاب الله تحريف الضالين، وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عنان الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب متفقون على مخالفة الكتاب، يقولون على