بالظاهر ما يماثل صفات المخلوقين فنصرف النص عن هذا المعنى إلى المعنى اللائق بالله. قيل لهم: لاشك أن النصوص ليست دالة على هذا الظاهر، بل ظاهرها السابق إلى العقل والمتبادر إلى الفهم هو إثبات صفات الله اللائقة به، وليست مماثلة لصفات خلقه، وحينئذ فلها تأويل يخالف هذا المعنى الذي تزعمون أنه ظاهرها.
لكن إذا قالت هذه الطائفة: التأويل باطل، وللنصوص تأويل يخالف ظاهرها، أو قالت: التأويل باطل، وتجرى النصوص على ظاهرها كانت بهذا القول متناقضة، ووجه ذلك أن قولهم: التأويل باطل، معناه ليس للنصوص تأويل يخالف الظاهر ولا يوافقه. وقولهم: لها تأويل يخالف الظاهر معناه أنهم يثبتون أن لها تأويلا. وقولهم تجرى على ظاهرها، معناه إثبات تأويل لها فلا يتفق مع قولهم: التأويل باطل لأن مدلول هذه الكلمة نفي دلالة اللفظ على معنى من المعاني.
وحيث قالوا نريد بالظاهر في قولنا للنصوص تأويلا يخالف الظاهر.
نريد بالظاهر هنا ما يماثل صفات المخلوقين، وفي قولنا: ليس لها تأويل يخالف الظاهر أو تجرى النصوص على ظاهرها. نريد بالظاهر هنا المعنى اللائق بالله حين يقولون هذه المقالة في سياق واحد من غير بيان وإيضاح لمرادهم بكلمة الظاهر في الموضعين كان هذا منهم تدليسا على السامع لأنهم ينفون التأويل مطلقا.
وهذا يعني أنه ليس لها معنى يوافق الظاهر أو يخالفه، وحيث قالوا نريد بالظاهر في قولنا، تجرى على ظاهرها مجرد اللفظ من غير أن يفهم منه معنى كانوا متناقضين لأن قولهم: تجرى على ظاهرها، معناه أنهم حكموا بأن لها معنى. كم أن قولهم: لها تأويل يخالف الظاهر حكم منهم بإثبات معنى من المعاني.