والحاصل أنه يلزم من قال هذه المقالة احد ثلاثة لوازم إما أنا خوطبنا في القرآن بما لا يفهمه أحد لا جبريل الذي نزل به من عند الله، ولا الرسول الذي نزل عليه وحي الله ولا الصحابة الذين تلقوا الوحي عن رسول الله. والثاني: أنا خوطبنا في القرآن بما لا معنى له أصلا، بل هي ألفاظ جوفاء مجردة من المعاني. والثالث: أنا خوطبنا في القرآن بما لا نفهم منه شيئا بل هو عبارة عن ألغاز ورموز لا نفهمها.
والقول بنفي التأويل والاستدلال على نفيه بالآية وما يلزم عليه من لوازم قول باطل ومع بطلانه فهو متناقض. وقد بين المؤلف وجه التناقض بأمرين:
أحدهما: قوله لأنا إذا لم نفهم منه شيئا لم يجز لنا أن نقول له تأويل يحالف الظاهر ولا يوافقه ثم بين وجه ذلك بقوله لإمكان أن يكون له معنى صحيح لا يخالف المعنى المعلوم لنا ثم قال فإنه لا ظاهر له على قولهم فلا تكون دلالته على ذلك المعنى الذي يزعمونه دلالة على خلاف الظاهر. فهم يقولون: التأويل باطل! وهذا يعني أنه لا تأويل له، وحينئذ لا يجوز أن يكون دالاً على معان لا نعرفها على تقدير نفي التأويل لأنا والحالة هذه لا نكون عالمين بمعنى من المعاني أصلاً.
والأمر الثاني: ذكره بقوله "ولأنا إذا لم نفهم اللفظ ومدلوله فلان لا نفهم ما لا يدل عليه اللفظ أولى" ثم شرح ذلك بقوله "لأن إشعار اللفظ بما يراد به أقوى من إشعار بما لا يراد به ".
وحينئذ فلا يجوز أن يقال إذ هذا اللفظ مصروف عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح، فإنه لا معنى له أصلاً حيث لم يشعر اللفظ بشيء ولا يقال أيضاً بطريق الأولى: له تأويل لا يعلمه إلا الله لا مكان أن يكون المعنى الظاهر المعلوم لنا بمقتضى اللفظ هو المراد، وحيث قالوا نريد